Site icon IMLebanon

زحام الملفات والمصالح في معركة الجنوب السوري

 

معركة الجنوب السوري تكمل معركة الغوطة في انتظار معارك لم تنضج ظروفها بعد. النظام يتقدم بمساعدة حلفائه. المعارضون في وضع صعب بلا أفق سياسي ولا عسكري بعدما تخلّى عنهم داعموهم الاقليميون والدوليون. والروس يوسّعون دورهم، ويستمرون في القصف الجوي بيد والمصافحة وعرض المصالحة بيد، على الطريق الى لعبة تتجاوز سوريا. لكن معركة الجنوب هي الأكثر حساسية بين المعارك، حيث زحام المصالح والأدوار السورية والايرانية والاردنية والروسية والأميركية والاسرائيلية.

وما أكثر الملفات الشائكة التي يعاد فتحها على نار المعارك وفي الكواليس السياسية. ملف التسليم الأميركي والأوروبي ببقاء النظام، على افتراض ان إسقاطه كان سياسة جدّية. إذ ان ما يعترف به اليوم صقر الصقور في ادارة الرئيس دونالد ترامب مستشار الأمن القومي جون بولتون من ان النظام ليس مشكلة استراتيجية كان مكتوبا على الجدار منذ ادارة الرئيس باراك أوباما. ملف المطالبة الاسرائيلية بالعودة الى اتفاق فك الارتباط في الجولان للعام ١٩٧٤، على أساس عودة الجيش السوري الى الانتشار وإبعاد القوات الايرانية وقوات حزب الله. ملف توسيع التنسيق بين عمان ودمشق بحيث يعود الجيش السوري الى الحدود ومعبر نصيب، بعد مرحلة غرفة الموك. وملف التركيز الأميركي على صفقة مع الروس في قمة هلسنكي بين ترامب والرئيس فلاديمير بوتين لاخراج القوات الايرانية من سوريا، لأن المشكلة الاستراتيجية تتمثل في ايران حسب بولتون.

 

ومع ان البازار مفتوح في قمة هلسنكي على البحث في تفاصيل الوضع السوري وكل القضايا باستثناء شبه جزيرة القرم، فان الرهانات الأميركية على موسكو تذهب الى أبعد مما تسمح به ثوابت الجيوبوليتيك الروسي. والسؤال، وسط مهارة بوتين في ادارة الحرب لمصلحة النظام والجمع بين علاقات مع المعارضين وأميركا وأوروبا والسعودية وايران واسرائيل وتركيا، هو: هل دقّت ساعة اخراج اللاعب الايراني من سوريا؟ وهل تريد أو تستطيع روسيا اخراجه.

ليس من السهل توظيف الدور الايراني مرتين مختلفتين: مرة بالحاجة الى مشاركة طهران وحلفائها في القتال البرّي الى جانب النظام تحت المظلة الجوية الروسية. ومرة باخراج ايران وحزب الله من سوريا في صفقة مع أميركا واسرائيل ودول عربية. فلا الدور الايراني في سوريا دور عابر بلا تاريخ ومصالح مشتركة منذ ثمانينات القرن الماضي. ولا دفاع طهران عن النظام في مواجهة ما تسميه مع دمشق الحرب الكونية سوى استثمار في المشروع الاقليمي الايراني الممتد حتى الآن الى صنعاء وبغداد ودمشق وبيروت.

لكن اللعبة بين الكبار، اذا التقت المصالح الاستراتيجية، تتجاوز الحسابات المحلية والاقليمية.