IMLebanon

نتنياهو يسعى بيديه ورجليه للحرب الواسعة.. وحكمة المقاومة تمنع عليه تحقيق هذا الحلم

 

«حزب الله» ما زال يرى وجود متّسعٍ من الوقت لإخراج الصواريخ الدقيقة من باطن الأرض

 

 

لولا حكمة قيادة المقاومة لكانت المنطقة في هذه الساعة في آتون حرب إقليمية قاسية، حيث ان ما قامت به إسرائيل في غضون خمسة أيام من اغتيالات لقادة في «حزب لله» وقصف وحشي أدّى الى إزهاق ارواح المئات من المدنيين الأبرياء، يشكّل عاملا كافيا لاندلاع الحرب الواسعة التي يسعى بنيامين نتنياهو إليها بيديه ورجليه لغاية في نفسه تتعلق بوضعه الداخلي، غير ان هذه الرغبة لدى رئيس حكومة العدو لن يسمح حزب لله له في تحقيقها، من منطلق ان الحزب منذ اليوم الثاني لعملية «طوفان الأقصى» أعلن ان مواجهات الجنوب محصورة بإسناد غزة، وانه لا يرغب بالحرب وان كان مستعدّاً لخوضها إذا فرضت عليه.

صحيح ان التصاعد التدريجي للمواجهات يشرّع الأبواب على كل الاحتمالات، غير ان هذه المواجهات على رغم حدّتها وقساوتها ما تزال مضبوطة، بمعنى انها لم تصل بعد الى انفلات الأمور من عقالها ووقوع الحرب الكبرى، وذلك بفعل رفض الكثير من الدول حصول هذه الحرب من جهة، وضبط «حزب لله» حتى الساعة أعصابه للحؤول دون وقوعها وذلك من منطلق الحرص على الوضع الداخلي ومنع الحكومة الإسرائيلية من تحقيق أهدافها على حساب اللبنانيين.

 

وقد يسأل سائل ماذا ينتظر «حزب لله» لإخراج ما يملك في باطن الأرض من صواريخ ذكية، أو بالاستية وغيرها ويضرب العمق الإسرائيلي ردّا على الجرائم التي يقوم بها جيش العدو على مساحة لبنان. ظاهريا هذا السؤال مبرّر، غير ان باطن الأمور يخالف ذلك، كون ان الحزب وكما في محطات كثيرة لا يعمل على قاعدة رد الفعل السريع، بل انه دائما يقيس الأمور بميزان الذهب ليكون الرد مدروسا ويوصل الى النتيجة المتوخاة، فالحزب قادر في أي وقت استخدام ما يملك من سلاح تدميري، لكنه ينتظر حتما الفرصة المناسبة لتوجيه الضربات القاسية في عمق إسرائيل، وعندما يحصل ذلك تكون المعطيات العسكرية التي يملكها تفرض هذا الأمر.

 

هل بتنا قريبين من الحرب الواسعة؟ حتى الساعة ما يزال ذلك غير وارد في وقت قريب، لكنه غير مستبعد على الرغم من التوجه الدولي على رفض ذلك والانحياز الى الحل الدبلوماسي، من منطلق ان نتنياهو المفصول عن حقيقة الواقع قد يرتكب خطأ ما يؤدي الى ذهاب الحزب الى خيار الحرب الواسعة التي لن تقف على جبهة لبنان وحسب بل سيدخل فيها محور المقاومة من اليمن الى العراق وقد تكون سوريا من ضمنه بالمباشر هذه المرة.

تعتقد القيادة العسكرية أن التصعيد الحاصل وتوسعته سيؤدي الى إضعاف قدرات «حزب لله» العسكريّة وعلى مستوى القيادة والقاعدة والتواصل بينهما، والضغط عليه بشتى الوسائل لوقف جبهة الجنوب وفصلها عن إسناد جبهة غزة، تمهيداً لعودة المستوطنين إلى المستعمرات الشمالية بعد النزوح منها عقب عملية «طوفان الأقصى» وإعلان الحزب جبهة الجنوب كإسناد، غير ان الحزب الذي سرعان ما تجاوز الضربات القوية التي تلقّاها في غضون أسبوع واحد، لم يفقد زمام المبادرة وأصبح أكثر تشبّثا بأهدافه من وراء هذه الحرب، وهو ما يذكّرنا بالأسبوع الأول من حرب تموز حيث خرج أولمرت آنذاك ليعلن النصر بعد توجيه الضربات للقوة الصاروخية للحزب، وما هي إلّا ساعات حتى انطلقت الصواريخ باتجاه إسرائيل معلنة ان المقاومة ما تزال بألف خير، وهكذا استمرت الحرب الى حين وقّعت تل أبيب مرغمة على القرار 1701.

انطلاقا من هذا المشهد فان التصعيد الأخير لا يعني عملياً الانتقال إلى مرحلة الحرب الواسعة، من دون إغفال اننا أصبحنا في مرحلة جديدة من المواجهة، حيث ان قواعد الاشتباك المعمول بها سابقاً انتهت وأصبح هناك قواعد جديدة لم تتضح معالمها حتى الآن. فإسرائيل تريد الحرب ولكن تخشاها، بينما الحزب لا يريدها ولكنه لا يخشاها، فالمواجهة بين الطرفين باتت مفتوحة على كافة السيناريوهات. فبينما تضع إسرائيل معادلة انسحاب حزب لله إلى ما وراء نهر الليطاني لإعادة نازحي الشمال إلى مساكنهم بأمان، يتمسّك حزب لله بمعادلة عدم عودة سكان شمال إسرائيل قبل وقف العمليات العسكرية في غزة، اي معادلة ستتقدم على الأخرى لننتظر ما يحمله قابل الأيام لنرَ.