IMLebanon

رحلات النزهة البحرية: لا صيانة ولا محروقات… والإنقاذ حسب الأولويّات

 

 

أثّرت الأزمة الاقتصاديّة على السياحة البحريّة ورفعت من مخاطر الحوادث والأعطال التي قد تطال مراكب النزهات البحرية والزوارق واليخوت. ورغم أن نقص الصيانة كان يشكل السبب الأبرز للمشاكل سابقاً، إلا أن حتى أكثر المستهترين كانوا يبحرون مطمئنّي البال لعلمهم أن الإنقاذ حاضر دائماً على مدار الساعة للنجدة. اليوم، الوضع تبدّل وبات المنقذون بحاجة إلى من ينقذهم!

 

منتصف حزيران الماضي، تعرّض زورق سياحي يقلّ نحو 20 راكباً لحادث تسبب في تدفق المياه إلى داخله، قبالة شاطئ منطقة الزهراني، ما أدى إلى غرقه بعدما عملت وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني على إنقاذ ركابه. قبل ذلك بنحو بأسبوع، غرق زورق آخر كان يقلّ عائلة قبالة ساحل عمشيت، ما اضطر ركابه إلى العودة إلى الشاطئ سباحةً، بعدما «فاشوا» على براد الثلج الذي كان بحوزتهم، وبعدما تعذّر عليهم الاتصال بالإنقاذ البحري بسبب سرعة غرق الزورق.

مقالات مرتبطة

 

«هجرة المراكب»: نصف اليخوت بيعت إلى الخارج رضا صوايا

 

رئيس وحدة الإنقاذ البحري في الدفاع المدني اللبناني الكابتن سمير يزبك أكّد لـ«الأخبار» أن «حوالى 70% من الحوادث المسجلة في البحر سببها نقص الصيانة»، وهو واقع يرجح أن يتزايد بسبب ارتفاع كلفة الصيانة وأسعار القطع واقتصار أغلب التصليحات على «الضروري» فقط. وهو ما أكّده مصدر في إحدى الشركات التي تعمل في تأجير الزوارق والمراكب وصيانتها والعناية بها، مشيراً إلى أن «الزبائن يسعون إلى التقليل قدر الإمكان من النفقات ويلجأون فقط إلى الإصلاحات الحيوية التي لا غنى عنها، ولكن بعد أن يجولوا على عدة متاجر ومؤسسات بحثاً عن السعر الأرخص».

في المبدأ، «لا يسمح لأي مركب نزهة أو يخت بالإبحار من دون الاستحصال على إذن سفر، يُمنح بعد دفع الميكانيك وخضوع المركب للكشف وحصوله على شهادة سلامة يصدرها جهاز تفتيش السفن» بحسب مصدر في ميناء بيروت. إلا أن الوقائع على الأرض تخالف الأنظمة والقوانين حيث «الفوضى والمحسوبيات هي السائدة، تماماً كما هي الحال بالنسبة إلى معاينة السيارات، حيث يكتفى في كثير من الحالات بدفع الرسوم من دون المرور بالكشف والمعاينة» على ما يقول أحد الخبراء البحريين.

«المخاوف جديّة من تزايد الحوادث في البحر»، بحسب الخبير البحري جهاد حرش، وذلك «بسبب عدم صيانة المراكب والزوارق. حتى الميسورون باتوا اليوم يكتفون بالحد الأدنى من التصليحات. فعلى سبيل المثال، تكلف صيانة زورق متوسط الحجم (بين 12 و14 متراً) حوالى 8 آلاف دولار سنوياً. سابقاً كان كثيرون من أصحاب المراكب، كتلك التي تُستخدم في النزهات البحرية، يلجأون إلى ميكانيكي سيارات لتجنب دفع أتعاب ميكانيكي خاص، لكن حتى اللجوء إلى ميكانيكي سيارات أصبح مكلفاً جداً بسبب سعر القطع، وهو ما يدفعهم إلى عدم إجراء أي تصليحات من الأساس».

 

نصف زوارق الإنقاذ البحري معطّل ونصفها الآخر يحتاج إلى صيانة

 

 

في ظل هذا الواقع، أصبحت أي نزهة بحرية تفتقر إلى الحد الأدنى من معايير السلامة العامة، ورحلة محفوفة بالمخاطر قد يصعب إنقاذ ركابها في حال تعرّضهم لحادث أو عطل، وخصوصاً أن الأزمة الاقتصاديّة ألقت بثقلها على الإنقاذ البحري في الدفاع المدني. إذ يلفت يزبك إلى أن «نصف زوارقنا معطل ولا قدرة لنا على إصلاحها. لدينا 5 مراكز على طول الشاطئ اللبناني، في جونية والبترون وصور والعبدة والجية، في كل منها زورقان أحدهما معطل وغير صالح للإبحار والثاني يحتاج إلى صيانة».

الأسوأ أنه حتى في حال كانت الزوارق في أفضل أحوالها، فإن أزمة المحروقات باتت تعيق مهام وحدة الإنقاذ البحري وتفرض عليها تحديد الأولويات في من يجب العمل على إنقاذه. يشير إلى «أننا، سابقاً كنا نسارع إلى مساعدة أي زورق ينقطع في البحر وقطره. أما اليوم، فإن كمية المحروقات المتوفرة تسمح لنا فقط بالخروج في مهمات الإنقاذ الضرورية. لذلك ندعو الناس وأصحاب المراكب والزوارق إلى عدم المجازفة والمخاطرة، وخصوصاً في حال لم يكونوا مزودين بكمية محروقات كافية أو لم يقوموا بالصيانة اللازمة لمراكبهم، لأننا قد نجد صعوبة في تلبية نداءاتهم في حال حصول أي طارئ. كما نطلب منهم عدم الابتعاد لأكثر من كيلومترين إلى ثلاثة عن الشاطئ».