كشفت أوساط سياسية أن صرخة بكركي الأحد الفائت ستبقى من دون أي أصداء إيجابية، لأن دعوة البطريرك الماروني بشارة الراعي المسؤولين السياسيين بإنهاء الفراغ تصطدم بجدار الشغور الرئاسي السميك، في ضوء انعدام أي ملامح مؤشرات على وجود نوايا لدى القيادات في الداخل، كما الأطراف الخارجية المعنية بالإستحقاق الرئاسي، على تسريع عملية التسوية وإنجاز الإنتخابات الرئاسية في وقت قريب. وقالت الأوساط نفسها أن تعليق الوضع اللبناني، وتحديداً استحقاق إنتخابات رئاسة الجمهورية على الملف النووي الإيراني والمفاوضات الأميركية ـ الإيرانية الجارية حول المرحلة المقبلة في المنطقة، يؤدي إلى التأسيس لمرحلة شغور طويلة الأمد. وتوقّعت أن يكون انتخاب الرئيس من ضمن صفقة إقليمية مرتقبة وتتم خلالها عملية طرح صيغة التسوية الرئاسية التي من المفترض أن تجد قبولاً من القوى الإقليمية المتمثّلة بالسعودية وإيران، قبل أن يوافق المعنيون في لبنان عليها ويتوجهوا إلى انتخاب رئيس الجمهورية الجديد.
وتعتبر الأوساط ذاتها أن مصير الرئاسة ما زال موضوعاً في ثلاجة الإنتظار، وأن الإنتخابات ستجري حتماً ولكن ليس معلوماً التاريخ الذي ستجري فيه، وذلك انطلاقاً من تقاطع الإرادات الدولية والإقليمية على وجوب بقاء الصيغة اللبنانية على حالها. وبالتالي، فإن كل الطروحات حول التوجه إلى مؤتمر تأسيسي وتعديل اتفاق الطائف ليست واقعية ولا تنطبق على التسوية المطروحة للأزمة الرئاسية مستقبلاً.
وكشفت الأوساط أن ما طرحه بالأمس راعي أبرشية بيروت للموارنة المطران بولس مطر عن وجود علاقة بين النووي الإيراني وانتخاب رئيس الجمهورية اللبناني، ولو أنه تساءل عن الرابط في هذا الإطار، يتقاطع مع جملة مؤشّرات غربية حول الإستحقاق الرئاسي، حيث أن أكثر من موفد غربي زار لبنان أخيراً أثار هذا الموضوع، لافتاً إلى أن أي اتفاق أميركي ـ إيراني لا يرضي دول الخليج سيؤدي إلى زيادة منسوب التوتّر والصراعات في المنطقة، كما أن أي اتفاق لا يراعي المصالح الأميركية والإسرائيلية المباشرة سيفتح الباب واسعاً أمام حروب إسرائيلية مباشرة وبالواسطة في الساحات المشتعلة، وخصوصاً الساحة السورية، وفي المنطقة الحدودية في الجولان.
في المقابل، اعتبرت الأوساط عينها، أن تعذّر الإتفاق الأميركي – الإيراني أو تأجيله، سيدفع نحو ارتفاع حدّة المواجهات بين الجانبين على كامل المساحة الشرق أوسطية، وتحديداً في نقاط الإشتباك بينهما في سوريا والعراق ولبنان. وأضافت أنه حتى ذلك الوقت سيبقى لبنان رهينة لأي من هذه الإحتمالات، من دون أن تكون له أية قدرة على رسم مصيره أو حتى على توسيع هامش الصيغة المطروحة للإستحقاق الرئاسي، وذلك بعدما سلّم المعنيون فيه بشكل مباشر أو غير مباشر للقوى الإقليمية، قرار البتّ بمصير رئاسة الجمهورية.
وخلصت الأوساط إلى أن الصيغة المرتقبة ستكون توافقية في الدرجة الأولى، اي انه من الصعب وصول رئيس صدامي او رئيس محسوب على طرف سياسي معين ،وذلك لان اي خيار اخر يعني التوجه نحو التصعيد السياسي الداخلي ، كون تركيبة البلاد لا تحتمل رئيس مواجهة. واضافت ان هذا السيناريو المرتقب ينسف نظرية تغيير النظام السياسي في لبنان، لأن النظام اللبناني التعددي بات اليوم حاجة دولية في ظل الصراعات الدينية والمذهبية التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط ووصلت الى اوروبا وباتت تهدد امنها.