IMLebanon

صرخة ألم أين العقلاء والحكماء؟

 

 

 

موجعٌ هو المشهد الذي كُتب علينا أن نعاينه في هذه الأيام. أصلاً كانت المشاهد كلها موجعة في السنوات الأخيرة، ومشهد اليوم هو واحد في سياق متواصل تحوّل معه البلد الى برج بابل، «يتدافش» فيه الأقوام وهم يرطنون بلغات ولهجات يتعذّر فهمها. وإلاّ كيف نفسّر هذا «الحمّام المقطوعة مياهه» الذي فرضوا علينا أن نقيم فيه وأن نتحمل ما لا يتحمله مواطنو بلدان عديدة.

ونتساءل ما إذا كان حاملو ألوية التصعيد من هنا وهناك يدركون الى أين يقودون البلد، وأي مصير يهيئون للبنانيين المبتلين بهذه القيادات الهجينة في معظمها.

وما ينطبق على السياسة ينطبق على كل شيء تقريباً، لدرجة أنّ ما تقدّم به الرئيس ميشال المرّ من مشروع للنفايات كشف أي فضيحة هائلة ما زلنا نعيش في قرفها وطبعاً في الخسائر الهائلة التي تكبدناها جرّاءها. ليتبين كيف أن النظرة الى لبنان تنطلق من «الشطارة» في استحلاب آخر مقوّماته المالية… فلا ولاء للوطن  إلاّ بالحكي الفارغ. إذ الوطن هو ما نحصل عليه منه (خصوصاً عن غير وجه حق). وأمّا جون كنيدي فهو أحمق، بل كبير الحمقى. لأنه قال ذات يوم «لا تسأل ما يمكن أن يقدمه لك وطنك بل اسأل ما يمكنك أنت أن تقدمه له». وبالتالي فهم لم يقدّموا لنا سوى إنهاء الوطن لمصلحة المزرعة، وشرذمة الوطن لمصلحة الفئات والفئويات، وضرب الوطن في اعز ما حباه إياه اللّه والطبيعة فإذا «حدائق» الإسمنت المسلّح على حساب آخر بقعة خضراء، وإذا النفايات تكاد تنافس الأرزة، بل لعلها نافستها فعلاً وتفوّقت عليها، فإذا «بيارقها» مرفوعة أكياساً من مرمى الثلج الى فقش الموج ومن تخوم الكيان العبري في فلسطين المحتلة جنوباً الى حدودنا مع سوريا شرقاً وشمالاً. وإذا الفقر يتزايد والمؤسسات تفلس أو تتجه الى الإفلاس فيما هم تنتفخ جيوبهم (… والخزائن طبعاً) من مال الناس وتعب الناس وعرق الناس و … قهر الناس، كما تنتفخ أوداجهم لشدة التخمة. وأما السياحة فمعلم من تراث كان عندنا ذات يوم! ومع ذلك فهم في صخب، وهم في عويل. وهم في صراخ. وهم في الكلام المنافق الذي لا يتوخى سوى المصالح الذاتية على حساب كل شيء… أجل كل شيء: على حساب الوطن والمواطن. على حساب العزّة والكرامة. على حساب القيم والمبادىء (…).

والمسألة أنهم مكشوفون… الناس تشير اليهم بالأصابع، وترفق الإشارة بكلمات تتغرغر بها الأفواه والحناجر ومع ذلك فهي واضحة وبليغة لأنها تسقط عنهم آخر ورقة تين، فإذا بهم ليس فيهم سوى الإنتفاخ و … العورات!

إنهم يتلاعبون بهذا الوطن. بمقدراته. بخيراته. بماضيه وبحاضره ويسيئون الى غده. إنهم يتاجرون بكل شيء لكي يظل الناس في حال من الخوف، ظناً منهم ان الناس سيبقون في حاجة إليهم، الى حمايتهم التي لا تحمي، الى غطائهم الذي لا يغطّي، الى مظلتهم المخروقة، بألف ثقب وثقب.

ولو؟ ألا يرتفع صوت واحد بالتعقل والروية والحكمة والتهدئة؟! وهل أفلسنا من الحكماء والعقلاء؟!

توقفوا! فكفاكم (جميعاً) ما تلحقون بهذا الوطن الصغير المعذّب من إساءة، وبشعبه من آلام وأوجاع وامتهان؟!

توقفوا، واتقوا اللّه في هذا الشعب الآمن الصابر وفي هذا الوطن المنكوب بكم!