Site icon IMLebanon

«التيار» غاضب من جعجع: إنقلبَ على العهد ولا يستحقّ «الهدايا»

 

رغم حرصِ «التيار الوطني الحر» و«القوات اللبنانية» في خطابهما العلني على التمسّك بتفاهم معراب، إلّا أنّه بات واضحاً أنّ هذا التفاهم لم يعد له مكان في «الاعراب». هذه هي الحقيقة التي تهمس بها الغرف المغلقة، والملفات الشاهدة على الافتراق.

صحيح، إنّ أياً من الجانبين لا يتجرّأ حتى الآن على إجراء مراسم الدفن لاتفاق معراب، نتيجة معرفتهما بأهمّيته الرمزية في الوجدان المسيحي العام وبخطورة الانسحاب الرسمي منه، لكنّ الصحيح أيضاً أنّ مسار المرحلة الماضية كان مزدحماً بالمحطات الخلافية وصولاً إلى مفاوضات تأليف الحكومة الجديدة التي أظهرت أنّ كلّاً من «التيار» و«القوات» عاد إلى التعاطي مع الآخر في اعتباره خصماً ومتّهماً وليس حليفاً، أو أقلّه شريكاً، كما يلحظ اتّفاق معراب.

وانطلاقاً مِن الهواجس المتجددة وتجربة التحالف المتعثّرة، بدا الوزير جبران باسيل متشدّداً في مقاربته لكيفية توزيعِ الحصص المسيحية بين «التيار» و»القوات» في الحكومة المقبلة، وسط شعور لديه بأنّ سمير جعجع انقلبَ على العهد برئاسة ميشال عون، وبالتالي «لم يعد يستحقّ أن نمنحه هدايا وزارية، على غرار ما حصَل في المرّة السابقة». ويُنقل عن باسيل قوله في مجلس خاص: على «القوات» أن تعرف أنّ زمن العطاء المجاني قد انتهى..»
ما هي رواية «التيار الحر» للأزمة المتفاقمة مع «القوات اللبنانية»، وكيف يُقارب أسبابَها ونتائجها؟

يَعتبر مصدر قيادي في «التيار» أنّ «القوات أخطأت من الأساس في طريقة تفسيرها لنتائج الانتخابات النيابية، وهذا ما قادها لاحقاً إلى المبالغة في محاولة الاستثمار السياسي لتلك النتائج والبناء عليها، مشيراً إلى أنه ليس صحيحاً أنّها حقّقت فوزاً كبيراً كما تروّج؛ أوّلاً لأنّ قواعد التمثيل تبدّلت تلقائياً مع اعتماد النظام النسبي، وثانياً لأنّ حجم تكتّل «لبنان القوي» الذي يضمّ 29 نائباً هو ضعفُ حجم كتلة «القوات» المكوّنة من 15 نائبا».

ويتّهم المصدر البرتقالي البارز «القوات» بتشويه المحتوى الحقيقي لتفاهم معراب وتحوير وجهتِه الأصلية، لافتاً إلى أنّ «اتفاقنا ارتكزَ بالدرجة الأولى على قاعدة سياسية محورية تتمثّل في دعمِ جعجع للرئيس ميشال عون وعهده، بحيث نشكّل مع «القوات» كتلة العهد، وبالتالي فإنّ ما يُحكى حول توزيع الحصة المسيحية في السلطة بيننا وبينهم لا ينفصل بتاتاً عن هذه الركيزة أو الفلسفة السياسية للتفاهم».

ويؤكّد المصدر الواسع الاطّلاع «أنّ القوات أخلّت بالتزاماتها ونكثَت بالاتفاق، بعدما تحوّلت من داعمٍ مفترَض لرئيس الجمهورية إلى متهجّم عليه، مشيراً إلى أنّ أهمّ «إنجازات» معراب و»مآثرها» بعد حصول المصالحة تمثّلت في اتّهامنا زوراً وبهتاناً بالفساد، والتحريض على إسقاط سعد الحريري وحكومته قبل أشهر لإرباك العهد وإضعافه، ومحاولة تأليبِ الأميركيين على الجيش اللبناني، والطعن في مرسوم التجنيس الذي يحمل توقيعَ عون، والتنكّر لحقّ الرئيس في الحصول على كتلة وزارية وفي اختيار نائب رئيس الحكومة».

ويتساءل المصدر القيادي في «التيار الحر»: هل المطلوب منّا بعد انقلاب «القوات اللبنانية» على جوهر الاتفاق السياسي معنا أن نقبلَ بإعطائها حصّةً وزارية منتفخة حتى تستخدمها ضدّنا وضدّ العهد؟

ويلفت المصدر البرتقالي إلى أنّ رئيس الجمهورية وقيادة «التيار» وافَقا في المرّة الماضية على «توسيع الحجم الوزاري لـ»القوات» في الحكومة، وارتضَيا منحَها من كيسِهما وعلى حسابهما أكثرَ ممّا تستحقّ، استناداً إلى معادلة تفاهم معراب، أمّا وأنّ جعجع نسَف بسلوكه هذه المعادلة فإنّ مفاعيلها سقطت تلقائياً، ولم يعد وارداً لدى عون وباسيل تقديمُ التبرّعات والهدايا إلى «القوات» التي تصرّفَت بجحود معهما خلال الفترة الماضية».

ويوضح المصدر أنّ عون «وافقَ خلال مفاوضات تشكيل الحكومة المستقيلة، وخلافاً للعرف، على التخلّي عن منصب نائب رئيس مجلس الوزراء وتجييره إلى «القوات»، لافتراضه بأنّها ستكون داعمةً له، عملاً بمقتضيات المصالحة، غير أنّ أملَه خابَ، وهذا ما دفعَه إلى تغيير موقفه حيال وجهة هذا المنصب».
ويضيف المصدر: نحن لن نعترض إذا نالت «القوات» ما تطلبه أو حتى أكثر، إلّا أنّنا لن نعطيَهم من كيسنا حتى يشتمونا، ومَن كان مقتنعاً بما يطالب به جعجع ما عليه سوى أن يعطيَه من حصّته.

ويرى المصدر أنّ «القوات» يجب أن تتمثّل بثلاثة وزراء في الحكومة المقبلة «إذا جرى اعتماد المعايير الموضوعية والمنصِفة في التأليف»، معتبراً أنه «لا يجوز إجراء مقارنة مع حجمها في الحكومة المستقيلة، لأنّها حصلت عليه بفعل حقنِ الـ»بوتوكس» السياسي بعد تساهلِ «التيار» معها، وليس نتيجة وزنِها الواقعي».

ويتساءل المصدر: كيف يحقّ لـ»القوات اللبنانية» أن تطالب بالحصول على 5 أو 4 وزراء في الحكومة الجديدة بحجّة أنّ لديها كتلة من 15 نائباً، بينما تحالف حركة أمل – حزب الله المكوَّن من قرابة 30 نائباً سينال ستة وزراء، وكذلك الأمر بالنسبة إلى تكتّل «لبنان القوي» الذي يضمّ 29 نائباً؟ أين وحدة المعايير والمقاييس في هذه المقاربة؟

ويكشف المصدر القيادي أنّ «باسيل أبدى استعداداً مبدئياً للقبول بإعطاء «القوات» الحقيبة السيادية، إلى جانب مقعدين وزاريَين، في مقابل نيلِ حقيبةٍ أساسية محلها من قبيل «التربية» أو «الأشغال»، مع العِلم أنّ آخرين قد يعارضون وربّما يعطلون في لحظة الحقيقة منحَ معرابِ وزارة سيادية».

ويشدّد المصدر على أنّ «سعيَ القوات إلى الفصل تارةً بين باسيل والتيار، وطوراً بين عون وباسيل لن ينجح»، معتبراً أنّ «هذه محاولة فاشلة وهزيلة للتذاكي والتشاطر»، ولافتاً إلى أنّ «ما تجهله أو تتجاهله القوات هو أنّ باسيل أكثر اعتدالاً من عون في موقفه منها».