الغموض هو سيد الموقف الانتخابي ومصير جلسة الخامس عشر من أيار «ملتبس» وغير واضح المعالم بعد ولا يمكن تبيان الخيط الابيض من الخيط الاسود بعد في ما خص القانون الانتخابي العتيد، فثمة من يعتقد ان قانون الانتخاب سيولد حتماً قبل ذلك التاريخ وثمة من يطرح سيناريوهات كثيرة تتمحور حول التمديد، ولكن مع انتاج قانون قبل الجلسة الموعودة، وبذلك يكون لا خاسر ولا رابح في المعركة الانتخابية فرئيس الجمهورية يكون وفى بوعده للبنانيين بقانون انتخابي جديد والفريق السياسي التمديدي لا يكون تراجع خطوات كثيرة الى الوراء.
فالاستحقاق الانتخابي لا يزال في البازار السياسي بحسب اوساط متابعة، يتم تناتشه داخلياً وفق مصالح كل فريق تماماً بما يشبه المرحلة التي سبقت التسوية الرئاسية التي خضعت لتجاذبات الى ان حصلت التسوية بإرادة ورغبة الجميع تقريباً، فالمشهد يكاد يكون نفسه حيث تكثر المناورات السياسية وعملية شد الحبال في ربع الساعة الأخير قبل الحسم على غرار المشهد الرئاسي الذي لم يكن احد يتوقع حصوله، وعليه ترى الاوساط ان القانون الانتخابي لا بد وان يبصر النور ولكن من غير المعروف والواضح ووفق اي صيغة وان كانت الغلبة كما صار واضحاً لخيار التوافق على قانون مع تمديد لبضعة اشهر.
بدون شك، فان خطوة رئيس الجمهورية باللجوء الى المادة التاسعة والخمسين من الدستور لتجميد انعقاد الجلسات النيابية لمدة شهر ينتهي مفعولها قي 13 أيار اراحت التشنج السياسي، على حدّ قول الاوساط، وأفسحت المجال للقوى السياسية لإعادة تجميع قواها والانطلاق للمرحلة المقبلة للحسم سريعاً خصوصاً ان لا مصلحة لأحد ولاي طرف سياسي بترك الامور معلقة، واذا قانون باسيل المختلط الاول سقط وفق الاوساط بضربات جزاء الحلفاء قبل الاخصام ومن قبل حزب الله وحركة أمل، في حين ان المشروع التأهيلي كما أقفلت بورصة المواقف قبل الاعياد مرفوض من القوات اللبنانية ومن الحزب الاشتراكي والمستقبل الذي اعتبر نائبه عمار الحوري انه يؤدي الى التطييف والتمذهب، فان عامل الوقت لم يعد يسمح بالمماطلة والابقاء على الأزمة المفتوحة كما لا مصلحة لأحد من اللاعبين المحليين باللعب على وتر الوضع الامني وضرب الاستقرار الداخلي في ظل قنبلة النازحين الموقوتة على صاعق تفجير قد ينفجر في اي وقت، وما يجري من احداث في المنطقة وحصراً في سوريا ومصر.
واذا كان لم يعد سراً ان كل القوى السياسية دخلت مرحلة الحشر لانجاز القانون الذي تعتبره معركة «احجام واوزان»، ومن سيشكل الأكثرية في المجلس النيابي ومن سيكون فاعلاً ومقرراً عدا الخلفيات الأخرى المتعلقة برئاسة الحكومة ومن سيكون رئيس الجمهورية المقبل الذي ستتعزز حظوظه وفق وضعيته وما ستؤول اليه الامور على الساحة المسيحية خصوصاً ان ثمة ثلاثة مرشحين مطروحين باكراً لخلافة الرئيس عون هم سليمان فرنجية وسمير جعجع وجبران باسيل، وعليه فان المعركة حول قانون الانتخاب ايضاً لها صلاتها الرئاسية ايضاً، برأي الاوساط، فان كل القوى السياسية مجبرة وليست مخيرة على تغييب مصالحها وحيث ان كل فريق سياسي يقارب حسم الموضوع الانتخابي على طريقته، فرئيس الجمهورية لجأ الى صلاحياته الدستورية، لانه لا يريد ان يبدأ عهده بخيبة عدم انجاز قانون وعد به اللبنانيين، وهو ان جيَر او فوَض الى رئيس التيار الوطني الحر مهمة البحث عن قانون الا ان هذه المهمة اصطدمت بعوائق وعراقيل فكان لا بد من تدخل الرئيس لضبط الساعة على توقيت بعبدا كي لا يفقد زمام الأمور، فرئيس الجمهورية يريد القانون وباي ثمن لكن ثمة طريقتين مختلفتين بينه وبين رئيس التيار الوطني الحر في مقاربة الملف الانتخابي والتعاطي معه الا ان رئيس الجمهورية عندما تتجاوز الامور الخطوط الحمراء يتدخل لتحقيق اختراق وهذا ما حصل عملياً ليلة التمديد عندما استخدم صلاحياته الدستورية . اما رئيس الحكومة فهو الأكثر مرونة في الملف الانتخابي او هكذا يحاول الحريري الإيحاء، اذ يترك لرئيس الجمهورية وفريقه السياسي مهمة القانون الانتخابي مع التظاهر الى حد ما بسياسة النأي بالنفس عن التفاصيل حتى لا تتعرض علاقته مع احد للاهتزاز، فالحريري يريد افضل العلاقات وتطبيعها مع حزب الله، ويحافظ على الستاتيكو القائم منذ التسوية الرئاسية مع حارة حريك وكل المكونات السياسية، وهو مدرك بتسليمه الملف الانتخابي ان التيار الوطني الحر يدرك وضعيته الانتخابية ويحاذر الصيغ التي تؤذيه في مناطقه الحساسة.
حزب الله الذي يحتفظ باوراقه دائماً في الجارور الى حين يحل الوقت لاستخدامها في التوقيت المناسب فانه يتفادى اي زلة، ويسعى حزب الله الى عدم تكرار تجربة يوم الخميس الاسود وهو اذ يريد النسبية الا انه يتطلع الى الحفاظ على الحد الادنى من الاستقرار والتوصل الى القانون الأسلم الذي يريح حلفائه بالدرجة الاولى ولا يحرجه بعد عودته من الحرب السورية. وفي اعتقاد الاوساط ان كثرة السيناريوهات المطروحة لا تنفي ان يكون القانون اصبح جاهزاً وينتظر «رتوشات» عليه ولكن يبقى سيف التمديد حاضراً ايضاً، لكن التمديد سيكون ملازماً للقانون الجديد الذي سيولد وعلى ان لا يتعدى البضعة أشهر تقريباً.