“الظروف حالياً غير مؤاتية”، وفق رأي الجنرال ميشال عون ورؤيته بالنسبة إلى الاستحقاق الرئاسي والسعي الحثيث إلى انتخاب رئيس جديد… هكذا، بكل بساطة ولامبالاة.
ولكن، عن أي ظروف يتحدّث، وظروف مَنْ يقصد، ظروف لبنان، ظروف المنطقة، ظروف إيران، ظروف الطليان؟ لا جواب.
الظروف. وما الذي يجعلها غير مؤاتية ما دام مجلس النواب موجوداً، والنواب حاضرين، ولا مانع أمنياً ودستورياً، وجميع الفئات في 8 و14 آذار لا تكفّ عن المطالبة بوجوب الإسراع في انتخاب رئيس جديد؟ لا جواب.
بعد خمسة أشهر من الفراغ والانتظار، وعقد جلسات نيابيّة من باب رفع العتب، وكي يحسبوا أن الهوى حيث تنظرُ، وحيث لا تسمح الظروف باكتمال النصاب وإجراء الانتخاب، بعد هذا كلّه إلى متى سيبقى الفراغ يملأ المنصب والقصر الرئاسي، والدور الرئاسي، ويشلُّ الدولة ومؤسّساتها، ويعرِّض لبنان لمجموعة من المخاطر التي شهدت طرابلس نموذجاً منها؟
لا جواب، سوى تحميل الظروف كامل المسؤولية. والظروف، تحتاج إلى مَنْ يصنّفها ويسمّيها. والجنرال لم يفعل.
اكتفى بتحميل الظروف مسؤولية هذا التعطيل الذي ينسبه البعض إلى الجنرال عون نفسه وطموحه الرئاسي وتشبّثه بالترشّح، وإن أدى ذلك إلى تفريغ المنصب الرئاسي للشهر الخامس على التوالي. فالدستور لا يقول شيئاً في هذا المقام.
و”المحلّلون” فهموا من “ظروفها حالياً غير مؤاتية” أنها مرشَّحة لتأجيلات بالجملة… وعمر الصابرين يطول.
همُّ الانتخابات النيابيّة قد انجلى نهائيّاً. والجنرال حسمها: “خَلَص، ما عاد في انتخابات نيابيّة”. مما يعني أن ساعة التمديد آتية لا ريب فيها.
“أما الانتخابات الرئاسيّة، فنحن متفاهمون عليها”. حلو كتير. مَنْ تفاهم مع مَنْ، وعلامَ، وإلامَ؟ لا جواب.
أو الأصحّ الجواب في قلب الجنرال، لا في قلب الشاعر. ومَن لا يعجبه فلْيختَر الحائط الذي يريد ويدبِّر حاله.
كيف يمكن السكوت عن هذا الاستهتار، أو تجاوز كلام يتناول فراغ المنصب الأول في الدولة اللبنانيّة وحيث “تتجمّع” كل مواصفات الخطر المباشر على التركيبة اللبنانيّة، والصيغة، والنظام، ولبنان الواحد، وميثاق العيش المشترك و…؟
في هذا السياق، في الموضوع الرئاسي ذاته، تحدّث زعيم “تيار المستقبل” الرئيس سعد الحريري، مبدياً كل حرصه وعزمه على بذل الغالي والرخيص من أجل إنقاذ لبنان من دائرة الفراغ حيث يقيم الشيطان في التفاصيل كما في الظروف.
ولقطع الطريق على محاولي تطويل أمد الفراغ، بادر الحريري فوراً إلى دعوة المعنيّين لإطلاق مشاورات وطنيّة تُثمر اتفاقاً على رئيس جديد للجمهورية، وإنهاء الفراغ في موقع الرئاسة الأولى. بلد بلا رئيس منذ أشهر نتركه في عُهدة الظروف غير المؤاتية؟!