ربّما يستغرب القارىء ما يقرأ في هذه العجالة، اليوم، التي تأتي بعيداً عن أجواء الإنتخابات المتشنّجة، التي إستأثرت بأقلامنا، معشر الصحافيين، منذ أشهر، خصوصاً في الأسابيع القليلة الماضية.
ولكن ليؤذن لي أن أقول إنني، على صعيد شخصي، أبدو أكثر إهتماماً بمضمون المؤتمر الصحافي الذي عقده أمس وزير الأشغال العامة والنقل يوسف فنيانوس عن أي أمر آخر. ذلك أن إطلاق مشروع «طريق الشمال» يلامس همّاً مقيماً ومعاناة كبيرة لست وحدي من يتحملها، إنما مئات آلاف اللبنانيين.
ولا أبالغ إذ أدّعي أنّك لو سألت أياً من المواطنين الذين يغادرون بيروت شمالاً أو يقصدونها من المدخل الشمالي: ماذا يستأثر باهتمامك أكثر: صندوق الإقتراع أو «طريق الشمال»؟ لأجابك فوراً ومن دون أي تردد: طريق الشمال.
وفي تقديري أن حال هذا الطريق، المستمرة منذ عقود، هي الحال التي تسهم، بشكل أو بآخر، في عدم تطوير الشمال، وبالتأكيد في تعزيز الهجرة الداخلية من الشمال الى العاصمة.
إن المواطنين الذين تلحقهم لعنة طريق الشمال هم أبناء كسروان الفتوح، وبلاد جبيل، وبلاد البترون، والكورة، وزغرتا الزاوية، وبشري الجبّة، وطرابلس، والضنية، والمنية وعكّار… إضافة الى قاصدي بيروت من سوريا، عبر المعبر الشمالي. أي إننا نتحدّث عن نحو ثلث اللبنانيين الذين بات عندهم هاجس عبور هذا الطريق الذي ترافقهم لعنة عبورهم إياه في تحركهم من العاصمة وإليها…
ساعات مضنية يستغرقها عبور هذا الطريق من نهر الموت الى طبرجا، ومنها الى نهر الموت… هذا في الظرف الطبيعي، أما إذا توقفت سيارة أو شاحنة بسبب عطل طارىء فحدّث ولا حرج!
وأهمية مشروع الوزير يوسف فنيانوس أنه يلحظ أيضاً جعل ساحل المتن «قبله السيّاح ومقصدهم».
واعترف بأنّ ما قاله وزير الأشغال أمس، حرّك لدي مشاعر عديدة خصوصاً عندما سأل: «كيف يمكن أن ننتقل من بيروت الى طبرجا خلال ثلاث عشرة دقيقة؟».
إنه حلم وردي يا معالي الوزير… نحن الذين يضيع نهارنا عندما نقصد تلك القرية الهادئة أو نعود منها الى ضجيج العاصمة، سيكون في مقدورنا أن نسلك الطريق الذي سيمتد من بيروت الى طبرجا في 13 دقيقة؟! إنه أجمل من أن يكون حقيقة.
نعرف أن ما تقدم به يوسف فنيانوس لايزال مجرّد مشروع. ونعرف أن دون تنفيذه عقبات و…و…! ولكننا نريد أن نصارح جميع «من يعنيهم الأمر» بأننا سنقاتل ليرى هذا المشروع النور. وليس لنا من وسيلة قتال سوى الكلمة. وطبعاً هذا المشروع لا يمكن إدراجه تحت ذريعة «الزفت الإنتخابي»…