IMLebanon

أي تحجيم لايران وأي عزل لأميركا؟

 

 

زيارة الرئيس فلاديمير بوتين الثالثة الى طهران زادت من تسليط الأضواء على أمرين: أولهما عمق التعاون العسكري بين روسيا وايران في حرب سوريا واتساع المصالح المشتركة في قطاعات النفط والغاز وبناء المفاعل النووية. وثانيهما تباين وجهات النظر حول ما يحتاجه حلّ الأزمة في سوريا. فما تراهن عليه ادارة الرئيس دونالد ترامب والدول العربية الحليفة لأميركا في تنفيذ استراتيجية كبح النفوذ الايراني هو أن تساهم موسكو بعد انتهاء المعارك الأساسية في تحجيم الدور الايراني في سوريا. وما يراهن عليه المرشد الأعلى علي خامنئي وأعلنه بعد لقاء بوتين هو ان حلّ الأزمة في سوريا بالكامل يحتاج الى تعاون وثيق بين ايران وروسيا يؤدي الى عزل الولايات المتحدة تمهيدا لاعادة الاستقرار الى المنطقة.

لكن موسكو ضد تبسيط الأمور في لعبة معقدة جدا تدار في سوريا وتدور على مصالح وحسابات تتجاوز الشرق الأوسط. فما فعله بوتين عسكريا بالتعاون مع ايران هو تثبيت النظام. وما فعله سياسيا وأمنيا وعسكريا بالتعاون مع تركيا وايران والتفاهم مع أميركا والتنسيق مع اسرائيل هو تثبيت مواقع الأطراف الداخلية والخارجية على الأرض. وما يحاول استعجال الوصول اليه هو حلّ الأزمة. ففي مؤتمر فالداي الدولي تحدث عن تقدّم في عملية التسوية تحقق بالتعاون مع تركيا وايران والولايات المتحدة والسعودية وقطر. وفي طهران صارح مضيفيه الذين يستسهلون الحلّ بالتعاون معه، ويريدون عزل أميركا، بالقول ان حلّ الأزمة لا يرتبط ببلد بمفرده.

 

لماذا يقول بوتين ذلك؟ لأن من الصعب عليه الهرب من الحقائق الواقعية حتى في مغامرة مثل الدخول الروسي في حرب متعددة الأطراف مارست فيها أميركا أيام الرئيس باراك أوباما سياسة القيادة من الوراء وتطويع كل شيء في خدمة سعيه لاتفاق نووي واقليمي مع طهران. فمنذ الفيتو الأول ثم الصاروخ الأول كان على الجميع قراءة المكتوب على الجدار: النتيجة النهائية محسومة بقوة دولة كبرى. وفي مرحلة التوجه نحو تسوية سياسية، فان موسكو محكومة بألا تلعب وحدها ولا فقط مع ايران، وسط الحاجة الى أميركا والقوى المحلية والاقليمية. فضلا عن ان التسوية من دون اعادة الاعمار تشبه ترتيب وضع في مقبرة. ولا اعادة اعمار من دون أميركا وأوروبا ودول الخليج، لأن المهمة أكبر من قدرة روسيا وايران.

ولا أحد يعرف أين يبدأ اللغز وينتهي الوضوح في سياسات بوتين. لكن موقع غازيتا الروسي يرى ان المشكلة هي الديبلوماسية الهجينة في روسيا: التفكير في أمر، الكلام على أمر آخر، وفعل أمر مختلف، وتصوير أي حدث بأنه انتصار.