IMLebanon

قطع معابر التصدير: وقت الحكومة ليس مـن ذهب

لم يتخذ مجلس الوزراء اي قرار يتصل بدعم الفارق بين كلفة النقل عبر المعابر البرية، والبحر. كلف وزير الزراعة إعداد الدراسات اللازمة، بعدما تبين ان الوزراء المعنيين لا يمتلكون اي تفاصيل ما عدا مطالب المصدرين. لم يقتصر التقاعس عند هذا الحد بل بدا ان مجلس الوزراء لا يمتلك اي فكرة عن عدد السائقين المخطوفين او المفقودين او العالقين في سوريا بعد سيطرة القاعدة على آخر المعابر البرية على الحدود السورية- الاردنية

يبدو واضحاً ارتباك حكومة «المصلحة الوطنية» في التعاطي مع موضوع إغلاق معبر «نصيب» وتداعياته لجهة وجود سائقين مفقودين أو الأثر السلبي على الصادرات اللبنانية. فهذه الحكومة ليس لديها فكرة واضحة أو معطيات أكيدة عن أعداد السائقين المفقودين على الحدود السورية ــ الأردنية، أو الذين علقوا في الوسط ولم يعد بإمكانهم التقدّم أو التراجع.

كذلك، لم تستطع الحكومة اتخاذ أي قرار بشأن دعم التصدير البحري إلى دول الخليج، واشترت الوقت من خلال تكليف وزير الزراعة إجراء اتصالات مع السفارات المعنية وتقديم المعطيات، ومع الإدارات والجهات المعنية لوضع دراسات تحدد الكلفة الحقيقة لدعم التصدير البحري. يأتي ذلك بعد مرور ثمانية أيام على إغلاق معبر «نصيب». وقت الحكومة ليس من ذهب!

عندما أذيعت أمس قرارات مجلس الوزراء، كان الأمر بمثابة مفاجأة غير مرضية لمتابعي ملف إغلاق معبر «نصيب» وتداعياته. فقد أقرّت الحكومة «تكليف وزير الزراعة أكرم شهيب إجراء اتصالات مع السفارتين السعودية والأردنية من أجل متابعة قضية السائقين». وقد اوضح الوزير شهيب لـ«الأخبار» أن مجلس الوزراء لم يقرّ أي صيغة متعلقة بدعم التصدير البحري، بل كلّفته الحكومة التواصل مع السفارات والإدارات المعنية من أجل إنجاز دراسة تتعلق بكلفة الدعم لآليات التصدير البحري المعروفة، سواء كانت بواسطة عبّارة أو بالشحن البحري. واشار شهيب إلى أنه «خلال الأيام المقبلة سينجز الأمر».

قرار الحكومة يعكس حالة من البرود تجاه التعاطي مع قضية تصنّف في خانة الطوارئ الإنسانية والاقتصادية أيضاً، إذ لا يحتاج الأمر إلى قرار في مجلس الوزراء ليتمكن لبنان الرسمي من التواصل مع السفارات المعنية، واستكشاف أعداد السائقين المخطوفين أو المفقودين أوالعالقين على الحدود الأردنية السورية. وما جرى تداوله في جلسة مجلس الوزراء بخصوص السائقين المفقودين أو المخطوفين أو العالقين على الحدود، يكشف عن تخبّط غير مبرّر، إذ قال وزير الخارجية جبران باسيل إن عدد السائقين المفقودين أو العالقين يبلغ 42 سائقا مع شاحناتهم، فيما نقل وزير الزراعة أكرم شهيب عن نقابات النقل، وجود أكثر من 150 سائقاً وشاحناتهم… الفرق كبير في المعطيات المتداولة ولم تتحرّك الدولة بعد لمعرفة حجم المصيبة! وفيما لم يكن واضحاً إذا كانت هذه الأعداد لمفقودين أو مخطوفين او عالقين على الحدود، أوضحت مصادر مطلعة أن هناك مشكلة «وسم» الجوازات أو انتهاء التراخيص الممنوحة لهم بالدخول إلى دول الخليج أو انتهاء الإقامات، فضلاً عن عقبات كثيرة من هذا النوع جعلت عدداً من السائقين عالقين على الحدود، لكن لأ احد يعلم عددهم.

اقتصادياً، كان لافتاً غياب حماسة الحكومة عن معالجة ملف طارئ يتعلق بوجود لبنان ضمن عزلة بريّة تمنع عليه تصدير بضاعته الزراعية والصناعية إلى أحد أكبر الاسواق الخارجية، أي دول الخليج والأردن والعراق، وتمنع عنه دخول البضائع المستوردة من هذه الدول. واللافت أكثر، أن هذه المسألة ليست مستجدّة، بل هي قصّة قديمة دُرست قبل نحو سنتين وأشبعت درساً في ذلك الوقت للبحث عن الخيارات البديلة، وخصوصاً التصدير عبر البحر.

دعم التصدير البحري ينتظر

اقتراحاً واضح المعالم

في ذلك الوقت كانت هناك أفكار كثيرة مطروحة تتعلق باستئجاء البواخر أو شرائها وجدواها الاقتصادية وكلفتها وخطوط النقل المتاحة… وقد تبيّن آنذاك أن التصدير البحري هو الخيار الاستراتيجي البديل الوحيد للبنان، وأن على السلطات اللبنانية أن تنظّم هذا الأمر فقط، وأن تضعه كخيار أساسي في ظل امتداد الحرب في سوريا وتوسعها، إلا ان كل هذا النقاش انتهى في اللحظة التي تبيّن فيها أن هناك معبراً برياً يفتح نافذة للبنان على دول الخليج وعلى الأردن والعراق.

مع إغلاق معبر «نصيب» انبرت الجهات المعنية بالتصدير إلى إعادة إحياء النقاش في موضوع التصدير البحري بواسطة العبارات التي تنقل الشاحنات المحملة بالمنتجات الزراعية. وفي هذا السياق عقد صباح أمس، اي قبل ساعات على انعقاد مجلس الوزراء، اجتماع وزاري حضره وزراء الزراعة والصناعة والاقتصاد في مكتب وزير الزراعة، إضافة إلى المصدرين ووسطاء النقل، على أمل الخروج بموقف موحّد من قضية التصدير البحري وطرق الدعم المطلوبة من الدولة… وقد سبقت هذا الاجتماع اجتماعات عديدة ومتفرقة بين النقابات المعنية والوزراء المعنيين… إلا ان ما عرض على مجلس الوزراء اثار الاستغراب، إذ انتهى النقاش بالإجماع على ضرورة دعم التصدير البحري إلى دول الخليج والأردن والعراق، نظراً إلى الكلفة المرتفعة التي يرتبّها على المصدرين مقارنة بكلفة التصدير البريّة، لكن لم تعرض أي صيغة ولا أي رقم ولا أي ورقة في هذا المجال، بل عرض الأمر على مجلس الوزراء من خارج جدول الأعمال!

إذاً، لبنان معزول بريّاً والوزراء متردّدون (إن لم نقل مقصّرون) عن تقديم اقتراحاتهم لمسالة استراتيجية اشبعت درساً على مدى السنوات الماضية! أما بالنسبة إلى الإجماع على دعم التصدير، فقد أوضح وزير المال علي حسن خليل أنه لا يمانع «درس الموضوع بإيجابية، لكن بشرط ان يجري تقديم اقتراح واضح المعالم عن مدة الدعم، وحجمه وكلفته وعدد المستفيدين منه وأثره الاقتصادي… وكل التفاصيل المرتبطة به. ليس لدي موقف سلبي مسبق من هذا الأمر، لكن النقاش يجب أن يكون علمياً وتقنياً».