انتهت “عاصفة الحزم” وبدأت معركة تقويض التمدد الإيراني في اليمن وصولاً الى شطبه تماماً من المعادلة اليمنية. فالعمليات العسكرية ستستمر تحت عنوان عملية “إعادة الأمل” التي تزاوج بين العمل العسكري والمبادرة السياسية وإذا كانت سرت معلومات مفادها أن الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح قد قتلوا جميع عناصر المبادرة العُمانية التي ترتكز على بنود قرار مجلس الأمن رقم 2216 الصادر تحت الفصل السابع، فما من إشارات عاجلة إلى قرب انتهاء محاولات الحوثيين وصالح إعادة فرض واقع عسكري – أمني في البلاد يلغي مفاعيل عملية “عاصفة الحزم” ويعيد الأمور الى المرحلة التي سبقت. ولكن في ظل استمرار التحالف العربي – الاسلامي الذي تقوده المملكة العربية السعودية في اطار عملية “عاصفة الحزم”، سيكون صعباً للغاية على تحالف الحوثيين – صالح الاحتفاظ بالمبادرة في البعدين السياسي والعسكري. فالانقلاب سقط وجرى تجريده من أي شرعية عربية أو دولية عبر القرار الدولي الواقع تحت الفصل السابع، ومحاربة الانقلاب بالقوة أجازها مجلس الأمن عبر القرار المشار إليه آنفاً. هذا ما يفقد تحالف الحوثي – صالح أي إمكان للمبادرة، ويفقدهما أي أفق سياسي، بعدما أرفق الحوثي انقلابه في الأشهر الماضية بسلسلة من الخطوات السياسية التي أراد منها إضفاء “شرعية” سياسية على الحركة العسكرية التي قام بها. أضف الى ذلك أن كون عملية “إعادة الأمل” اشتملت على البعدين السياسي والعسكري، فقد بات من المستحيل إعادة الوضع الى ما كان عليه قبل “عاصفة الحزم” لجهة السيطرة العسكرية المطلقة على مجمل محافظات اليمن. فمواصلة تحالف الحوثي – صالح محاولة التمدد عسكرياً ستقابلها مقاومة أكبر وأوسع وأقوى من القبائل المقاتلة التي باتت تحظى بتغطية جوية ساحقة في كل مكان.
لقد تم تدمير سلاح الجيش اليمني الثقيل الذي وضع الحوثي يده عليه، وشيئاً فشيئاً سيعود مع تفكك قطعات الجيش اليمني التي توالي علي عبدالله صالح الى صيغة الميليشيات الجهوية، ستنقلب موازين القوى على الأرض.
لكن ماذا عن البعد السياسي في عملية “إعادة الأمل”؟ ثمة معلومات عن قبول علي عبدالله صالح الخروج من اليمن، والانسحاب من المعادلة السياسية اليمنية، وفي الوقت عينه قبول الحوثيين المبادرة الخليجية والعودة الى طاولة الحوار الوطني بعد الانسحاب من العاصمة والمدن الكبرى. لكن إذا صحت المعلومات المتعلقة بصالح فيكون الحوثيون قد تركوا وحدهم في الساحة، أمام خيار من اثنين: إما مواصلة القتال والتعرّض لنكبة كبرى، وإما حصر الخسائر والدخول في العملية السياسية.
في مطلق الأحوال، هناك معطى جديد بعد “عاصفة الحزم”: لم يعد هناك مكان لإيران في شبه الجزيرة العربية.