Site icon IMLebanon

عندما لا يبقى إلا قطع الطرق لاسترداد الدستور

 

كتبت الصديقة منى الحاج في صفحتها الفيسبوكية: “ألا تعتقدون أن مشكلتنا الأساسية في لبنان هي مجلس النواب الذي يدافع عن السلطة التنفيذية بدل أن يكون ممثل الشعب ومحاسب السلطة التنفيذية؟”.

 

أصابت الصديقة بيت القصيد. فمجلس النواب الذي يفترض أن ينطق باسم الشعب اللبناني هو من يحول دون حصول هذا الشعب على أدنى حقوقه، لأنه يختصر كل المصائب والويلات من خلال الحكومات التي يفرزها لتتحاصص وتنهب، مرتاحة الى أنها مجلس نيابي مصغر، فلن يسائلها أو يحاسبها أو يعاقبها ولي أمرها.

 

وهو من يقفل أبوابه ويغتال العملية الدستورية، عندما تفرض مصالح من يصادر سيادة البلد، ليبقي البلاد من دون موازنات أو في فراغ رئاسي، أيضاً وفق أجندة من يصادر سيادة البلد.

 

هذا المجلس يسمح باغتصاب الدستور، والتنكيل بمقدمته التي تنص على أن “لبنان وطن نهائي لجميع أبنائه”، في حين لا تؤدي ممارسات السلطة التي يرعاها الا الى تهجير الأبناء الى حيث يحصلون على هوية أخرى تمنحهم الأمان والكرامة والحقوق.

 

والأهم أن الدستور الذي ينص على “أن الشعب مصدر السلطات وصاحب السيادة يمارسها عبر المؤسسات الدستورية”، يحمل في طيات هذه الفقرة عقدة العقد، ذلك أن حاميها حراميها.

 

وفي حين يملك النواب بموجب الدستور الحق في طرح الثقة بالحكومة بعد أن منحها إياها، او الطعن في القوانين الصادرة لسبب أو لآخر، لا يملك المواطنون آليات للدفاع عن أنفسهم وأموالهم وكرامتهم بموجب هذا الدستور.

 

لذا كان 17 تشرين الاول 2019، ولذا نزل اللبنانيون الى الشارع وقطعوا الطرق بعد أن ضاقوا ذرعاً بهذه الطبقة السياسية التي تنتهك دستورهم، وتتنصل من جريمتها بحجة التمثيل الشعبي.

 

فالمواطن لم يعد يملك إلا الشارع ليواجه من ينتهك الدستور الذي يفترض أن يحميه ويؤمن له حقوقه، ويطيح بمن يتجاوز الxمؤسسات الدستورية التي تحصر الآليات لتنفيذ أي طعن أو إجراءات تأديبية أو مساءلة أو محاسبة بمن يجب ان يؤدَّب ويساءَل ويحاسَب.

 

وإذا كان جهابذة الطبقة السياسية يرددون صبحاً وعشية انهم حائزون على شرعية شعبية عبر الانتخابات النيابية، ليس عليهم إن كانوا واثقين من شرعيتهم هذه الا حل مجلسهم ومواجهة الثورة بانتخابات مبكرة. وإذا عادوا لا لوم عليهم في كل ما فعلوا ويفعلون. وذنب الشعب حينها على جنبه.

 

أما اذا وصل الى البرلمان من ينطق فعلاً باسم الشعب اللبناني، وتحديداً حيث لا قمع ولا سلطة سلاح ولا فائض قوة، حينها تبدأ فعلاً مسيرة عودة الدستور الى شرعيته.

 

وبالانتظار، ليس لدى الشعب الا الشارع وقطع الطرق ومحاصرة المؤسسات الرسمية ونبذ كل من ينتمي الى هذه الطبقة السياسية، ممن يتراشقون بالاتهامات وبالمسؤوليات ويتبرأون من إفلاس الخزينة والمصارف في لعبة قذرة.

 

فالشارع هو الطريقة الوحيدة المتوفرة من خلال حرية التعبير لتطبيق الدستور الذي يحمل في مقدمته ما يضمن هذه الحرية بمعزل عن القيود التي تطلق يد من يتحايل على النصوص ليصادر هذه الحرية لحساب مصالحه الخاصة وجوعه العتيق والمستمر والوقح الى السلطة والنفوذ.