IMLebanon

القطوع مرَّ  ولكن مَن يضمن الغد؟

إنها السريالية بعينها، ومشهدان في توقيتٍ واحد في بلد واحد في ليلةٍ واحدة:

الناس في الشوارع إحتفالاً بعيد الموسيقى، والناس في الشوارع استنكاراً لِما تعرَّض له بعض الموقوفين في سجن روميه.

هذا هو البلد، الناس في الشارع للتعبير عمَّا يجول في نفوسهم، إما فرحاً وإما غضباً، التعبيرُ في مكانٍ ما يُفجِّر الفرح في النفوس، والتعبير في مكانٍ آخر يكاد يُفجِّر البلد.

***

ما حصل ليل السبت – الأحد، وما أعقبه ليل الأحد – الإثنين كاد أن يُفجِّر البلد بطريقة مدروسة ومريبة لا مكان فيه للصدفة، فكلُّ شيء كان معدًّا بإتقان، ولولا حكمة ودراية وزير الداخلية نهاد المشنوق لكان البلد اليوم يشتعل من شارعٍ إلى شارع ومن طريق إلى طريق، في وقت الحكومة غائبة ورئيس الحكومة خارج لبنان ومجلس الوزراء لا يعقد جلساته والمجلس الأعلى للدفاع لا يستطيع الإلتئام في ظل عدم وجود رئيسٍ للجمهورية.

***

السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو:

مَن فجَّر هذه القنبلة؟

ولأية أهداف؟

هل الهدف شخص مسؤول أو وضع شبه مستقر؟

إنَّ عملية سجن روميه تمَّت في نيسان الماضي، والفيديو الذي تمَّ تسريبه صُوِّر في اليوم ذاته، فلماذا كُشِف عنه اليوم أي بعد قرابة الثلاثة أشهر على العملية؟

لماذا ترافق تسريب الفيديو مع إطلاق إشاعات عن أنَّ عاصمة الشمال تتحضَّر لتصعيدٍ على الأرض؟

من خلال كلِّ ما تقدَّم فإنَّه يمكن القول إنَّ الوضع ما زال هشًّا على رغم كلِّ محاولات الطمأنة، ولأنه كذلك فلا عذر لرئيس الحكومة تمام سلام في عدم الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء، فما قبل حادثة تسريب فيديو التعذيب ليس كما بعدها، فهل ينتظر إندلاع الحرائق في أكثر من منطقة لبنانية ليبادر إلى الدعوة إلى جلسة لمجلس الوزراء؟

***

قد يُقال الكثير عن العملية المريبة التي تمثَّلت بتسريب شريط الفيديو، قد يُقال إنَّها عملية تصفية حسابات مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، بسبب نجاحه في معالجة الملفات الأكثر خطورة ودقة وحساسية، ولكن هل هذا يجوز؟

لقد مرَّ لبنان بقطوعٍ كبير خصوصاً بعدما تمَّ تسريب صور وأسماء العناصر الذين ظهروا في الفيديو، والحسنة الوحيدة، إذا كان من الجائز الحديث عن حسنة أنَّ العناصر الأمنية المتورطة في عملية التعذيب لا تنتمي إلى مذهب أو طائفة واحدة، بل هم من مختلف الطوائف، وهذا ما يسحب صاعقاً من صواعق التفجير المحتملة من جراء العملية.

***

ومما ساعد في سحب صاعق التفجير أنَّ الرئيس سعد الحريري بقي على اتصال متواصل مع وزير الداخلية نهاد المشنوق، وشكَّل هذا الإتصال الغطاء الضروري لمواصلة الإجراءات خصوصاً بعدما بدأت موجة المزايدات تطفو على سطح الأزمة.

***

مهما يكن من أمر فإنَّ المعالجة الميدانية مجدية، لكنها لا تغني عن المعالجة السياسية لتحصين الوضع، وذلك لا يكون إلاّ من خلال الحكومة التي يُفترض فيها أن تُعالج كل الملفات، وليس ملف سجن روميه فقط، فهناك عشرات الملفات الملقاة على عاتقها من معيشية ومالية واقتصادية، كما أنَّ هناك الكثير من المشاريع المتوقفة والمعلَّقة. فهل يبقى كلُّ شيءٍ مشلولاً لأنَّ أحد الأطراف أراد اعتماد التعطيل أسلوباً لنيل المطالب؟

***

هذه المرة سلِم الوضع ولكن مَن يضمن أن يسلَم في المرات المقبلة؟