IMLebanon

قبرص تنجح أخيراً في بيع غازها

 

أنتج التّنقيب في المنطقة الاقتصاديّة الحصريّة لقبرص بين الأعوام 2011 و2019 اكتشاف حوالى 16 تريليون قدم مكعب من الغاز القابل للاسترداد، وهذا نتيجة اكتشاف 3 حقول وهي «أفرودايت» عام 2011 و»كاليبسو» عام 2018 و»غلاوكوس» عام 2019.

 

الطّلب القبرصي على الغاز ضئيل جدًّا نظرًا لصغر مساحة الجزيرة ومحدوديّة عدد سكانها بما يحتّم البحث بشكل دائم عن أسواق للتصدير قبل الانصراف إلى تطوير هذه الحقول على نحوٍ واسعٍ وبدء الانتاج.

 

وقد شكّل اكتشاف شركة نوبل إنرجي الأميركية (Noble Energy ) وشركائها حقل «أفرودايت» أوّل هذه الاكتشافات بكمية 4.5 تريليون قدم مكعب من الغاز في كانون الأول من سنة 2011. ما يكفي لتأمين حاجة قبرص إلى هذه المادّة لأكثر من 50 سنة في حال كانت هناك جدوى اقتصادية لتطوير الحقل.

 

بعد مرور أكثر من 8 سنوات من البحث عن الاستفادة من هذا الاكتشاف المهمّ نسبيًا، توصّل المسؤولون المعنيون من الحكومة القبرصيّة والشركات النّفطية، أصحاب الحق، إلى حل يحفظ مصالح الجميع ويتضمّن إنشاء خط بحري إلى محطة إدكو لتسييل الغاز في مصر، والمملوكة جزئيًا من شركة شل البريطانيّة.

 

وتشارك شركة شل نوبل إنرجي في امتلاك حقل «أفرودايت» بنسبة 35% بالتّساوي، أما نسبة الـ30% المتبقيّة فتملكها مجموعة ديليك الإسرائيلية.

تعوّل قبرص بعد تسييل غازها في مصر على تصديره بناقلات الغاز بحراً الى أوروبا حيث أنّ الطلب مرتفعٌ عليه.

 

وقد تقدّمت شركة نوبل الأميركية مؤخّراً بطلب إلى الحكومة القبرصيّة يرمي إلى تعديل نِسب تقاسم الأرباح، لتحصل الشّركة على حصة أقصى وقدرها 43% للشركات و57% لحكومة قبرص، بعد أن كانت في الاتّفاقيّة الأصليّة 38 و62% على التّوالي. ويأتي التّخفيض بنسبة 5% نتيجة انخفاض أسعار الطّاقة والتّكاليف العالية التّي ينطوي عليها تطوير حقل في أعماق البحار. وفي المقابل، فرضت الحكومة القبرصيّة التّطوير السّريع للحقل، لكي تضمن تدفّق الدّخل بحلول عام 2024. فترتبط صيغة تقاسم العائدات بسعر النّفط وبسلّمٍ متحرّكٍ، حيث ترتفع حصّة الدّولة مع ارتفاع سعر النّفط، وينعكس ذلك عندما ينخفض.

 

فوفقًا للاتّفاقية المعدّلة، عندما تكون أسعار برنت عند مستوى منخفض يتراوح بين 60 و75 دولارًا أميركيًا للبرميل، فإنّ حصّة الشركات ستزداد. أمّا إذا زاد السّعر عن 75 دولارًا فتستفيد قبرص من زيادة عائداتها.

 

وأعلن وزير الطّاقة القبرصي يورجوس لاكوتريبس، مؤخّرًا، أنّ من المتوقّع أن تحقق الاتّفاقية الجديدة عائدات إجمالية للحكومة قدرها 9.5 مليارات دولار أميركيٍّ في مدّة 18 عامًا. كما أكّد أنّ تطوير حقل «أفرودايت» الّذي سيتمّ تنفيذه في قبرص، والّتي ستصل كلفته إلى 8 مليارات دولار، يشكّل أكبر مشروع للبنية التّحتيّة، تتكفّل الشركات بدفعها بالكامل.

 

لكن هناك معضلة أخيرة يجب حلّها لضمان تقدّم المشروع بالسّرعة المرجوة، فحقل «أفرودايت» يقع على الحدود مع إسرائيل ويمتد داخل مياهها بنسبة حوالى الـ5%، ما يفرض التّوصّل إلى اتّفاق مع إسرائيل حول هذا الاحتياطي المشترك وتسريع المفاوضات البطيئة جدًّا حول اتّفاقيّة تجزئة الانتاج (Unitization Agreement) التي شكّلت مادّة تفاوض منذ عدّة سنوات.

 

فوجود هكذا اتّفاقيّة أمرٌ شائعٌ عالميًّا في الصّناعة النّفطيّة، وتكمن أهميّتها في تشجيع المستثمرين على تحقيق هذا المشروع. ويبقى الهدف الرّئيسيّ من هذه الاتفاقية قبول الدّولتين بتجميع مناطق الحقل كـ «وحدة»، مع حصول كلّ دولة على نسبة مئوية في الوحدة.

 

سيصعب جدًا إنجاح مشروعٍ تصديريٍّ كهذا، ويُعتبر غير مقبول في الأعمال التّجاريّة الدّوليّة، ما لم يجرِ التّوصّل إلى اتّفاق واضح وصحيح بين الدّولتين. ويمكن تحقيق ذلك من خلال اتّفاقية محدّدة بشأن حقل «أفرودايت» منفرداّ أو اتّفاقيّة إطار تمهّد الطّريق للشّركات ذات الصّلة على جانبي الحدود البحريّة لتحديد النّسبة المئويّة لحصة كلّ فريق في أي حقل غاز مشترك في المستقبل.