Site icon IMLebanon

«داعش»!!

صعب تصديق خبريّة أنّ إيران فبركت بنفسها الهجومين المزدوجين اللذين استهدفا ضريح الإمام الخميني ومجمّع مجلس الشورى في طهران..

الأمر قد يكون وارداً في دول غير إيران، تقيم وزناً للرأي العام، وتأخذ في حسبانها الضرورات القانونية والدستورية والأخلاقية لتبرير أي خطوة غير مألوفة، تريد الإقدام عليها، على الصعيدَين الداخلي والخارجي سواء بسواء. لكنّ إيران في مكان آخر، وتتصرّف وفق قرارات مركزية يتخذها مَن هو على رأس قمّة الهرم بدايةً، ثمّ تُلبَّس الأثواب «الشرعية» المطلوبة لها، أكان ذلك عبر المؤسسات التنفيذية (مجلس الوزراء) أو عبر التشريع (مجلس الشورى) أو عبر الهيئات والمجالس الرديفة، أو من خلال «الخط العسكري» المفتوح على مداه وهواه!

أي إنّ إيران ليست محتاجة لتقديم أي تبريرات للداخل.. وتعرف سلفاً، أنّ ذلك عديم الجدوى في الخارج. ومهما إدّعت أنّها جزء من «الحرب العالمية على الإرهاب»، فهي ستبقى في رأي هذا الخارج وذاك، في موقع المُتَّهَم بكونها «الراعية الأولى للإرهاب».

وعدا عن ذلك، فإنّ ما حصل في طهران بالأمس أكبر وأخطر من أن يُدرج في سياق الفبركة، معنوياً وسياسياً وأمنياً. لا من حيث التعرض غير المسبوق لضريح الخميني، ولا من حيث ضرب رمز سيادي من الدرجة الأولى هو «مجلس الشورى». ولا من حيث عدد المنفّذين، ولا من حيث تمكّن هؤلاء من التنفيذ.

ثمَّ إنَ العمليّة المزدوجة هذه، ضربت فكرتين مركزيّتين دأب قادة كبار في طهران على تردادهما في الآونة الأخيرة. الأولى، أنّ إيران «مستقرّة» في محيط ملتهب، وهذا مردّه الى حزام النار الوقائي الذي أنتجته سياسة «تصدير الثورة»! والثانية أنّ التدخل الخارجي من اليمن الى العراق الى سوريا هو نوع من «الحرب الاستباقية على الإرهاب» لمنعه من الوصول الى الداخل الإيراني!

صارت صعبة هذه التوليفة الآن! وتبيّن في الإجمال، أنّ «داعش» هذا «القادر» على الضرب في وسط أوروبا الغربية! وتهديد الأمن القومي في دول الخليج العربي ومصر وليبيا.. والقتال الميداني على جبهتَي العراق وسوريا! و«الوقوف» في وجه حشد دولي يضم أقوى دول الأرض!.. هذا الـ«داعش» الفظيع قادر أيضاً على الوصول الى عاصمة إيران! وبسهولة نسبيّة! ولا تعوزه العدّة والعديد لضرب أيّ هدف يرتأيه!

المهم في الأمر، هو أنّ هناك مرحلة جديدة، وبتكتيكات مختلفة! وربّما آن الأوان لأن تأخذ طهران ذلك على محمل الجدّ، وتتواضع في ادّعاءاتها وسياساتها ومراميها الخارجية، طالما أنّ كل ما فعلته على مدى المرحلة الماضية، لم يمنع «داعش» من الوصول إليها!!