IMLebanon

«داعش» والنظام السوري من الزرقاوي إلى البغدادي [2/2]

لا توجد دراسة جديّة واحدة عن تنظيم «داعش» إلا وتُعيُدك إلى الملقّب بـ»أمير الذبّاحين» أبو مصعب الزرقاوي، وتقصّي رحلة الزرقاوي بعد خروجه عام 1999 من السجون الأردنية يقودك خطّ سيره إلى تنقّله بين باكستان ولاحقاً أفغانستان، وهروبه لاحقاً منها نهاية عام 2001 ومروره بإيران ليستقرّ في العراق زمن صدّام حسين ويتلقى العلاج في مستشفياته، ثمّ تأكيد المسؤولين الأمنيين الأردنيّين أن آخر مرة شوهد فيها الزرقاوي كانت في 9 أيلول العام 2002 دخل فيها الأردن عبر سوريا، قبل أن يلقى حتفه لاحقاً بغارة أميركيّة.

هذا المسار الذي اضطررنا لمتابعته فرضته علينا دراسة صدرت في 20 آب 2014، للباحث السعودي، نواف القديمي، نشرها في موقع «العربي الجديد» حملت عنوان «سؤال كبير.. كيف تشكلت داعش؟».. كلّ الحديث عن «داعش»يقود إلى الزرقاوي، والأخير يقودك باتجاه «داعش» اليوم، وحديث سابق عن وثائق رسمية وجوازات السفر عثر عليها الجيش الحر في مقرات «داعش» وهي عبارة عن جوازات سفر ووثائق إيرانية يستعملها قياديّو وعناصر «داعش» في العراق وسوريا، بالإضافة إلى تسجيلات مصورة وصور جوازات سفر إيرانية بحوزة بعض عناصر من «تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام» وإلى هذه التسجيلات استندت صحيفة «الأندبندنت» البريطانية لإثبات أن أصحاب هذه الجوازات قد دخلوا إلى إيران وروسيا خلال أيام الثورة، وأن لديهم شرائح اتصالات إيرانية وروسية، الأمر الذي يثبت ارتباطهم الوثيق بالمخابرات الإيرانية والروسية أيضاً!!

ليس صعباً إثبات إدارة النظام السوري للتنظيمات الإرهابية في العراق، والتي ارتدّت خلال العامين الماضيين إلى سوريا لإجهاض الثورة وإبقاء النظام تحت عنوان «الحرب على الإرهاب»، فقد سبق كشف «أبو انس الصحابة» نسيب «أبو مصعب الزرقاوي» أن «زهير الحمد» ـ وهو اللواء زهير الحمد نائب مدير أمن الدولة وأحد المسؤولين الأمنيين المتهمين بقتل وتعذيب الناشطين السوريين في الثورة ـ وهو آنذاك مساعد علي مملوك مدير المخابرات العامة [الذي أهدى لبنان شحنة متفجرات على متن السيارة التي لا تتسع لحماريْن] وكانت من مهامه في ذلك الوقت تهريب وتجهيز المقاتلين إلى العراق.

وإذا استثنينا الحديث عن واحدة من أهم الدراسات التي حملت عنوان «المقاتلون الأجانب وتأثيرهم الاقتصادي: «دراسة حالة» حول سوريا وتنظيم «القاعدة» في بلاد الرافدين»، لأننا لا نريد أن نغرق القارئ بتفاصيل كثيرة، فإننا سنكتفي بالاستناد إلى تصريح «راين ماورو» مساعد مدير المخابرات في مكافحة الإرهاب والحرب الالكترونية ومركز الاستخبارات حول دعم نظام الأسد لتنظيم القاعدة يمتد إلى أبعد من مسرح العمليات العراقي: «كثير من المؤامرات الدولية لتنظيم القاعدة لها صلات سورية»، وروى أيضاً صلات سورية لتنظيم القاعدة في هجمات الأردن والمغرب فخلية أبو مصعب الزرقاوي في العراق كان مقرها في سوريا، ثمّ إنّ الخلايا الإرهابيّة ـ المسمّاة الجهادية ـ في العراق كانت نسخة مستحدثة عن المحاربين السوريين القدامى من «جند الشام في لبنان» وأنه حتى 26 تشرين الأول 2008 كان نائب الزرقاوي سليمان خالد درويش «أبو الغادية» يتلقى ملاذاً آمناً في سوريا إلى أن قتل من قبل هجمة أميركية من العراق، وبعد مقتله تسلم سعد الشمري مهمته في تسهيل شبكة عبور المقاتلين الأجانب وتابع تشغيلها من داخل سوريا، وليس سرّاً أن أبو محمد الجولاني «أمير جبهة النصرة» والملقب بالفاتح كان مسؤولاً عن تأمين الطرق داخل سوريا للإرهابيين الراغبين بالمشاركة في القتال.

وهنا؛ لا بُدّ من استعادة ذاك التصريح الشهير لنوري المالكي، بعد ما اصطلح على تسميته بـ»الأربعاء الدامي» في العراق ففي 5 أيلول 2009 اتهم نوري المالكي سوريا علناً بدعم منفذي الاعتداءات في بغداد والمحافظات وقال بالحرف الواحد: «لدينا معلومات تفيد إن التدخل والتدريب واحتضان ودخول الإرهابيين لم يتوقف، وأن العمليات الإرهابية التي حدثت أخيراً كان ثلاثة من المسؤولين عنها من حزب البعث العراقي، ويتلقون الدعم من حزب البعث في سورية وقد اعترفوا بذلك»، يومها طالب نوري المالكي الأمم المتحدة بتشكيل محكمة أو لجنة تحقيق دولية لمحاسبة منفذي التفجيرات التي أودت بحياة 340 شخصا في بغداد ويقف وراءها النظام السوري الداعم للإرهاب… فيما قام الناطق الرسمي باسم عمليات بغداد اللواء قاسم عطا بعقد مؤتمر صحافي عرض فيه تسجيلاً مصوراً لما قال انه اعترافات مواطن سعودي تمكن من الدخول إلى العراق عبر الحدود السورية، حيث اعترف للسلطات الأمنية العراقية بتلقيه التدريب لتنفيذ هجمات داخل العراق في معسكرات داخل سورية تحت رعاية المخابرات السورية.

يومها ردّ بشار الأسد على اتهامات المالكي والسلطات العراقية التي تحدثت عن تورط قياديين في حزب البعث يعيشون في سورية بتفجيرات الأربعاء الدامي 19 آب 2009 بأنها: «لاأخلاقية»! وخرج أنصار المالكي في عدة محافظات في تظاهرات رفع فيها المتظاهرون لافتات كتب على واحدة منها «اللاأخلاقية تعني قتل الأبرياء بدم بارد يا بشار».

لاحقاً، سيكون الوقت كفيلاً بكشف الهويّة الحقيقيّة لصنّاع «داعش»، وصيغة إنشائها لا تختلف كثيراً عن ولادة «فتح الإسلام» في مخيّم نهر البارد بعد عفوٍ رئاسي من بشار الأسد عن شاكر العبسي، المكلّف بمهمة مخابراتية لـ: «إقامة إمارة إسلامية في طرابلس»، وللمناسبة هذه المؤامرة مستمرة على طرابلس حتى اليوم!!