IMLebanon

«داعش» يدقّ باب لبنان والطبقة الحاكمة ملهيّة بالحصص!

في حين تغرق القيادات السياسية والمسؤولون في خلافاتهم السياسية ويُغرقون معهم الشعب اللبناني الغارق اساسا في النفايات وفي ظلام الليل والنهار الناتج عن انقطاع مجرم للكهرباء في وسط صقيع لا يرحم دون ان نكرر ذكر سلسلة المآسي الاخرى التي يواجهها المواطنون ولا يرون امامهم بصيص امل او نور في ان تقدم الحكومة على معالجة بعضها، يسمع اللبنانيون القريبون من الحدود والبعيدون عنها اصوات المدافع والقنابل والصواريخ، تمزّق الهدوء النسبي الذي سجّل لفترة لا بأس بها بين تنظيم «داعش» وتنظيم «جبهة النصرة» اللذين يتقاسمان سلسلة الجرود اللبنانية والسورية منذ زمن، الى ان قرر تنظيم «داعش» على ما يبدو ان يستفرد بالسلطة على تلك المنطقة فشنّ هجوما كاسحا على «النصرة» قد يكون الهدف منه في حال انتصر ان يكمل طريقة باتجاه عرسال ورأس بعلبك والقاع ومناطق اخرى ومن حسن حظ اللبنانيين ان جيشهم الساهر على امنهم وسلامتهم يشكّل لهم عامل اطمئنان بوجود حكومة ووزراء ونواب يغرقون في ترتيب المحاصصات والتعيينات وتوزيع المغانم على هذا الفريق وذاك ولا يهتمون بما يحدث على حدود لبنان الشرقية ولا يأبهون الى ان التنظيم الارهابي الذي يسفح الدماء في كل العالم تقريبا، بدأ يدقّ الباب اللبناني من بوابة تلك البلدات اللبنانية الصامدة بقواها الذاتية وبوجود الجيش في جرودها.

جميع الدول على مدار قرون، كانت عندما تتعرّض لغزو او تفرض عليها حرب تقرع نفير الوطنية، ومصلحة البلاد العليا، ويسارع قادتها ومسؤولوها من موالين ومعارضين ومستقلين الى وضع خلافاتهم ومصالحهم جانبا، وينخرط الجميع في ورشة وطنية واحدة هي الدفاع عن الوطن بجميع الوسائل المتاحة، وفي مقدمها سلاح الوحدة الوطنية، استثناءً لبنان شذّ عن هذه القاعدة، لان الله ابتلاه بطبقة سياسية فاسدة تسلّطت على الحكم منذ عقود، ولم تعر اهتماما الاّ لمصالحها الخاصة ولمصالح المقرّبين، اما عن طريق السياسة او عن طريق الطائفة او طريق المذهب، والقلة القليلة من القيادات السياسية التي لم تسقط تحت الغربال، لم يكن عندها ذلك التأثير القادر لا على التغيير ولا على الوقوف في وجه هذه الطبقة المتوحشة التي تعرف تماماً كيف تدافع عن مصالحها عند اللزوم حيث تلتلف على بعضها بعضاً، ومن بعدها الطوفان.

يتصل بي العديد من الاصدقاء والقرّاء الاعزاء ممن يتابعون مقالاتي في «الديار» ومواقع الكترونية اخرى، وعلى صفحتي في «فيسبوك» يأخذون علي انني اهاجم الطبقة السياسية الحاكمة وبعض القيادات السياسية التي تتصرّف مثل تصرّف هذه الطبقة، ولا انتقد الناس، الشعب، المواطنين، الذين يعيدون هؤلاء الى السلطة مرّة بعد اخرى.

في لومي من قبل هؤلاء الاصدقاء والقراء، الكثير من الحق، ولكن القليل من الانصاف، لانهم على ما يبدو لا يعرفون الأساليب والاغراءات التي تلجأ اليها هذه الطبقة، لاضعاف مناعة الناس، والحالات التي تخلقها للسيطرة على ارادتهم، وخصوصاً في السنوات العشرين المنصرمة، مستغلة اما خوفهم، او قلقهم، او حاجتهم، او حياتهم، ومدغدغة عواطفهم ومشاعرهم الدينية، وتعمل بالتوافق مع بعضها بعضاً على ترك الازمات تكبر، وتنمو، ويتراكم كل عنصر سيئ فيها، ليصبح اشبه بالمرض العضال. للتذكير فقط، فان ازمة انتخاب رئيس للجمهورية، التي شهدت ليس فقط «دعوسة» الدستور والقوانين، بل شحنت بالتوتر والكراهية لتصبح قنبلة موقوتة قادرة حتى الآن، ان تفجّر صراعاً مذهبياً من جهة وطائفيا من جهة ثانية، يخيّم على الاجواء الداخلية في حين ان تنظيم «داعش» وربما غيره، يدق باب لبنان في ظل غيبوبة كاملة لهذه الطبقة.