ماذا يحاول جون كيري ان يفعل في خلال الوقت الاميركي الضائع سوى ضخ المزيد من الأوهام، وقت يبدو واضحاً ان ليس لدى باراك أوباما الرغبة او الإستعداد للتدخل الفعّال لا في ليبيا ولا في سوريا؟ وهكذا عندما يقول كيري في الرياض إن عملية الإنتقال السياسي ستبدأ في خلال اسابيع، وإن أميركا قادرة على إضعاف “داعش” أسرع مما فعلت مع “القاعدة”، فإنه يعلم ضمناً ان ليس هناك من يصدق كلامه، على الأقل لأن أحداً لم ينسَ بعد مزاعمه عن “الخطة ب” التي تبين انها ليست موجودة إلا في خياله !
ما هي “الخطة ب”؟
قبل ستة أشهر وتحديداً في ١٤ تشرين الثاني من العام الماضي أُطلق مسار جنيف حول المسألة السورية على أساس القرار الدولي ٢٢٥٤ الذي نص صراحة على عملية الإنتقال السياسي في سوريا حيث لوّح كيري يومها بأنه اذا لم يتم السير حسب هذا القرار فإن لدى أميركا “الخطة ب”، بما يعني انها تملك رداً مناسباً على عدم إلتزام النظام السوري وحلفائه القرار الدولي المشار اليه.
ولكن ماذا حصل في الاشهر الستة الاخيرة؟
تحت ذريعة محاربة “داعش” و”النصرة” شن النظام السوري مدعوماً بالطيران الروسي مع حلفائه الايرانيين وأذرعهم العسكرية هجوماً تركز على حلب وإدلب، بينما كان يستهدف عملياً المعارضة المعتدلة التي شاركت في إجتماعات جنيف، ومنع وصول الإمدادات الغذائية الى المناطق المحاصرة، ما أدى الى إنهيار محادثات جنيف كما هو معروف قبل أيام!
لا الإجتماع الاول الذي عقد أمس في فيينا للبحث في دعم حكومة الوفاق الوطني الليبية الجديدة يمكن فعلاً ان يساعدها في إعادة تنظيم القوات المسلحة المفككة بين سلطتين تتنازعان شرق ليبيا وغربها، ولا إجتماع اليوم لمجموعة الدعم الدولية لسوريا، الذي يعقد برئاسة كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف، يمكن ان يهتدي الى وسيلة تضمن فعلاً وقف النار الهش بين النظام وحلفائه الروس والإيرانيين والمعارضة المسلحة المدعومة نسبياً من اميركا وبعض الدول الخليحية.
وليس من المغالاة القول ان مجموعة أصدقاء سوريا التي تضم ١٧ دولة، اقصى ما يمكن ان تأمل فيه هو إقناع المتقاتلين بإحترام القرار الدولي ٢٢٥٤ وضمان وصول المساعدات الإنسانية الى المحاصرين في أكثر من منطقة، اما تسريع عملية الإنتقال السياسي، فإنه يبقى رهناً برهان روسي ايراني واضح وصريح على بقاء بشار الأسد، بما يعني اننا امام صراع مفتوح ليس من الواضح متى وكيف ينتهي. فلقد أثبتت معركة حلب الأخيرة ان الحسم ليس متوفراً لا للنظام الذي يملك تفوقاً جوياً ولا للمعارضة التي تملك قدرة على الصمود في متاريسها، أما “داعش” فمستفيد ويتوسّع !