Site icon IMLebanon

«داعش» يشرح سبب عدم مهاجمته لاسرائىل

في نهاية عام 2015، توعد «الخليفة» أبو بكر البغدادي بتحويل فلسطين إلى «مقبرة لليهود»، في أول تهديد صريح وعلني موجه ضد الإسرائيليين، قبل ان يعود احد قياديي التنظيم ويعلن ان تحرير فلسطين ليس من «أولويات الجهاد المقدس». تضارب انتجته على ما يبدو ظروف المعركة التي يخوضها «داعش»، وتقاطع مصالحه مع الجانب الاسرائيلي.

ينقل الصحافي الالماني «يورغان تودنهوفير»، الذي زار الرقة في سوريا ومكث فيها لفترة ملتقيا كبار قيادات التنظيم، ان الاخير يخشى الجيش الإسرائيلي «القادر، بخلاف الجيوش الغربية على التصدي لحرب العصابات، لذلك وبعد السيطرة على الشرق الأوسط لن يقوموا بمهاجمة إسرائيل، بل سيتوجهون إلى أوروبا».

في 15 آذار الحالي، نشرت صحيفة «النبأ» التابعة لتنظيم «داعش» مقالا بعنوان «بيت المقدس قضية شرعية أولا»، برر فيه التنظيم اسباب عدم مهاجمته لاسرائيل أمام انصاره ومؤيديه من المسلمين، منتقدا بشدة كل من روج للإعتقاد بأن «فلسطين هي قضية الإسلام الأولى»، موردا من بين من اسماهم في هذا السياق بعض القادة العرب من أمثال جمال عبد الناصر وصدام حسين، «بسبب متاجرتهم بقضية فلسطين، وبيعهم الأوهام لمؤيديهم»، مشيرا الى «ان هناك مكان يحل في رأس اولوية الجهاد، وفقا للمقال، الدول العربية التي يحكمها «طواغيت»، وفي مقدمتها المملكة السعودية، حيث يوجب تحرير مكة المكرمة والمدينة المنورة من حكم العائلة المالكة، اذ «ان قتال الطواغيت المرتدين الحاكمين لديار الإسلام أشد مكراً منهم اي من اليهود، وقتالهم مقدم على قتال المشركين الأصليين».

وبحسب ما ورد في المقال، فقط بعد فرض حكم إسلامي صحيح في «وطن المسلمين»، يمكن بعد ذلك مهاجمة أرض الكفار المجاورة، اي إسرائيل، لانه بعد اسقاط الأنظمة العربية، التي يفترض أنها تدعم اسرائيل، ستتمكن قوات المجاهدين من الوصول إلى حدود «دولة اليهود والإشتباك مع جيشهم بشكل مباشر».

وبينما يسعى الكاتب في معظم المقال للتقليل من أهمية القضية الفلسطينية للجهاد، إلا أنه يبدي اعتقاده بأنه واجب جميع المسلمين تحرير فلسطين من «الكفار اليهود»، لأن هذه الأرض كانت جزء من دولة الخلافة الإسلامية، ولهذا يجب على جميع المسلمين المساعدة في عودتها الى ديار الإسلام، وعلى المسلمين في أنحاء العالم اعانة الفلسطينيين في ذلك بما يستطيعون إيصاله اليهم من المال والرجال، ولأنهم لا يستطيعون الوصول الى الشرق الأوسط، ولا يملكون المال، يمكنهم مهاجمة «اليهود وحلفائهم أينما وجدوا، وقتلهم، وإتلاف أموالهم، وتعطيل مصالحهم وما استطاعوا إلى ذلك سبيلا».

«سلوك متحفظ» تجاه إسرائيل طالما أثار الانتقاد ودفع بالبعض إلى اتهام «داعش» بالتعاون السري مع الموساد، وهو السبب بالذات الذي يدفع زعماء التنظيم لإطلاق الوعيد والتهديد، بين الحين والأخر، بحق تل ابيب والإعلان عن دعم الشعب الفلسطيني، رغم ان الوقائع الميدانية تبين غنى «الدولة الاسلامية»، عن أية مواجهة مع إسرائيل، فيما يبحث عن سبل الصمود والبقاء في ظل تقلص الأراضي التي تسيطر عليها وتقلص مصادر تمويلها بسبب القصف الجوي وتراجع عدد مسلحيها وأنصارها.

بعد اعتماد «داعش» لاستراتيجية تنفيذ العمليات الإرهابية في أوروبا والولايات المتحدة، قد ياتي دور إسرائيل، لكن ذلك سيكلف غاليا لأنها ستتكبد خسائر كبيرة نتيجة الرد الإسرائيلي. فاحتمالات الهجوم معروفة، اما عبر الحدود مباشرة بواسطة جماعة «شهداء اليرموك» المتمركزة بالقرب من الجولان، او لهجمات من جماعة «أنصار بيت المقدس» من غزة. علما ان «التنظيم» لم ينفذ أي هجوم منظم ضد إسرائيل، بالرغم من اعتقال القوات الإسرائيلية عدة خلايا تتبع فكره، والأنباء عن تجنيد «التنظيم» لعشرات العرب الإسرائيليين، وتعاطف العديد مثل نشأت ملحم ـ الذي قتل ثلاثة إسرائيليين في مدينة تل أبيب في 1 كانون الثاني.

قد تكون المرة الاولى التي يخوض فيها تنظيم ايلامي يحظى «بشعبية» لا باس بها في الوسط الاسلامي حربا لا تشكل فيها استعادة القدس وازالة اسرائيل من الوجود محورا اساسيا. وقد يكون لحل هذا اللغز دورا كبيرا في تحديد الهوية الحقيقية للتنظيم ومن يقف وراء نشأته، وسط التناقض في التحليلات الذي يصل الى حد التضارب.

ليبقى السؤال، هل ستتمكن من ذلك؟ وهل تهديدات البغدادي جدية أم فقط بهدف الاستهلاك الداخلي والخداع؟