وُلدت الصهيونية رسمياً في مؤتمر بازل في سويسرا عام ١٨٩٧ بزعامة تيودور هرتزل. وتجسدت بتأسيس المنظمة الصهيونية العالمية وهدفها اقامة وطن قومي ليهود العالم في فلسطين. وتم انشاء الوكالة اليهودية لجمع الأموال والتبرعات لتنفيذ قرارات المنظمة الصهيونية. وتم انفاق الأموال الضخمة المتدفقة على صندوق الوكالة، على تمويل هجرة اليهود الى فلسطين، وشراء الأراضي فيها، وأهم من كل ذلك، تمويل العصابات الصهيونية الارهابية لتهجير الفلسطينيين عن قراهم وأراضيهم. ويوم كانت بريطانيا امبراطورية لا تغيب الشمس عن أراضيها، قررت القيام بأعظم استثمار سياسي في التاريخ، من خلال الاستثمار في الصهيونية وحصدت الأرباح المذهلة بقيام الكيان الاسرائيلي على أرض فلسطين، ومردود احتلال اسرائيل لفلسطين المستمر حتى يومنا هذا.
***
الولايات المتحدة الأميركية هي أعظم امبراطورية في عالمنا المعاصر. وقد جندت كبار علمائها ومستشرقيها لدراسة العقيدة في الدين الاسلامي، والتاريخ الاسلامي نفسه، وقامت بثاني أضخم استثمار سياسي في التاريخ في مجال السلفية الاسلامية كتيار ديني نابض، وذلك على غرار ما فعلته الامبراطورية البريطانية بالاستثمار في الصهيونية. واذا كان هدف الانكليز قيام دولة يهودية على المتوسط، فإن الهدف الأميركي من الاستثمار في السلفية الاسلامية كان أعظم بكثير، وأبعد مدى وأعمق أثراً. وهي استراتيجية الاستثمار في السلفية الاسلامية المتشددة على مراحل…
***
المرحلة الأولى كانت بتأسيس تنظيم القاعدة الاسلامي الأصولي المتشدد، لمحاربة الشيوعية الملحدة انطلاقاً من أفغانستان. وعندما تم انجاز المهمة وسقطت الامبراطورية السوفياتية، وحدث ما حدث بانقلاب القاعدة على أولياء أمرها من الأميركيين والعرب، وقام الوحش بعضّ صاحبه، قرر الأميركيون تصفية القاعدة واغتيال زعيمها بن لادن، واستولدوا من أبنائها وتراثها تنظيماً جديداً أشد تطرفاً وأكثر وحشية هو تنظيم داعش. وصنعوا له هدفاً أكثر اغراء من مجرد محاربة الإلحاد، وهو اقامة الخلافة الاسلامية في بلاد العراق والشام! وهذا في الظاهر فقط، أما الهدف الخبيث والمضمر فهو تفتيت هذا الشرق العربي – الاسلامي، تحت مسمى الشرق الأوسط الجديد والموسع!
***
… واليوم تنفرد أميركا بالإعلان عن تنظيم جديد سيقوم على أنقاض داعش بعد انجاز مهمتها وانتهاء دورها، تماماً كما فعلت بتأسيس داعش على أنقاض القاعدة… وهذا التنظيم الجديد هو خراسان وهو سيكون أكثر تشدداً وتطرفاً ووحشية من كل ما سبق، ودوره سيكون أخطر بكثير وهو تعميم حالة الجنون في المنطقة!