Site icon IMLebanon

«داعش» اسرائيل

 

من غرائب تطورات المنطقة ان تنظيمي «داعش» و «النصرة» يتحركان في دول عربية، فيما يحيدان  اسرائيل، ربما لان هدفهما تجاوز قضية العرب الاولى (فلسطين) مع ما يعنيه ذلك من «هدف عربي تدميري القصد منه اراحة العدو الاسرائيلي»، عملا بمقولة الفتك بكل ما من شأنه ان يعترض على الدولة العبرية التي تعيش افضل حالاتها من الهدوء والاستقرار طالما استمر تنظيم داعش ومعه النصرة في الفتك بالانسان العربي في قديمه وجديده.

ان ما يقال عن اهداف اميركية – اوروبية لاعادة ترتيب اوضاع المنطقة قد سبقته التطورات باتجاه اسوأ ما كان منتظرا من العالم الغربي، غير ان ما هو قائم في العراق وسوريا مرشح لان يصل الى عمق الدول العربية المحيطة، حيث النظرة الى الاسلام مختلفة تماما في تلك المناطق من عقلانية يستحيل ان تبقى على ما هي عليه في حال وصول داعش الى هناك، وثمة من يجزم من المراقبين العرب والاجانب بان تخطيط داعش لن يقتصر على كم مسيحي او ايزيدي او كردي (…)

 الغريب ان تواصل داعش والنصرة حركتهما على الحدود مع لبنان مع العلم ان مجالات التعاطي بين التنظيمين غير مقطوعة باستثناء ما له علاقة مع الجيش السوري الذي يفعل المستحيل لان يبقى على تواصل بين نقاطه العسكرية، باستثناء التواصل باتجاه الحدود اللبنانية حيث تتجمع قوى داعش والنصرة على امل تطوير المواجهة عندما يحين اوان تحسن الطقس وليس قبل ذلك، فيما هناك من يقول ان  مجالات وصول الجيش السوري (قوى النظام) لا ترغب في تخفيف الضغط العسكري عن الحدود اللبنانية؟!

لقد قيل الكثير عن معالجة مصابي النصرة في مستشفيات اسرائيلية تعنى بهم ثم تعيدهم الى وراء حدودها مع سوريا ولبنان، وهذه الاخبار موثقة في برامج اعلامية اسرائيلية واجنبية لا ترى حرجا في افهام العالم ان اسرائيل تنسق مع «النصرة» مباشرة ومع داعش بصورة غير مباشرة من دون ان يتحرك العالم العربي ومعه العالم الغربي، اقله لافهام من لم يفهم بعد ان داعش والنصرة ليسا على علاقة  مع المخابرات الاميركية التي تفعل المستحيل لكل ما من شأنه تدمير العالم العربي!

وما يثير التساؤل هو صمت دول عربية كبرى على ماهية الجرائم التي يرتكبها تنظيم داعش من غير ان يلقى كلمة لوم مباشرة او غير مباشرة، مع العلم ايضا ان حوادث مخيفة قد ارتكبت في عدد من الدول العربية بذريعة محاربة الاميركيين والاجانب، فيما كان المقصود افهام تلك الدول انها لن تكون بمنأي عما يرتكب الان في كل من العراق وسوريا واليمن، مع الاخذ في الاعتبار المناخ السلبي الذي تتحرك القوى التكفيرية من خلاله، من دون ان يفهم من يطلب فيهم الفهم مخاطر وصول داعش الى مناطق عربية تعتبر نفسها انها بمنأى عن انتقامات داعش والنصرة؟!

ان تركيز الاعلام على داعش القصد منه الايحاء بان تنظيم داعش غير مهتم بتغيير الانظمة في دول عربية عريقة في قدراتها وطاقاتها المعنوية والمادية والتاريخية لكن ذلك لن يستمر طويلا، لان مطلق ضربة من التكفيريين ستعني بداية صراع وجودي على اراضي من تستهدفهم الضربة، من غير حاجة الى الايحاء بان الاميركيين والاوروبيين سيؤمنون لهم الدفاع والرعاية، الى حد قول البعض ان داعش والنصرة ينتظران ساعة الصفر للانتقال الى دول عربية اخرى (…)

واللافت في هذا الخصوص ان اميركا والغرب يعانيان من خوف مقيم منذ فترة طويلة ويغطيان على ذلك بمزاعم وباجراءات تخويفية اثبتت فشلها، مثلما حصل في العاصمة الفرنسية باريس التي عانت الامرين جراء ظهور طيران مجهول  في سمائها ارعب كل من يعنيهم امر السلامة العامة في طول العالم الغربي وعرضه حيث يتردد على مسامع الجميع ان وراء الطيران  الغريب داعش الذي بات كتنظيم مسلح انه مستعد لان يصل الى عمق اوروبا ولو كان هذا القول يجافي الحقيقة؟

وفي عودة الى دور اسرائيل، لا بد من القول ان العدو عندما يساعد داعش والنصرة فلانه يعرف مدى تأثيرهما السياسي والامني على المجتمعات العربية، لاسيما في الدول الكبرى التي يتندر سياسيوها بان ظهور «داعش» لا بد وان ينهي كل ما يقال عن الامن الزائف … وكل ذلك لمصلحة اسرائيل والغرب في وقت واحد وهذا من ضمن المسلمات في عدد كبير من الدول العربية التي تعتقد وتتصور انها قادرة على  حماية نفسها، فيما يدحض الواقع ذلك، طالما غاب الفهم العربي المشترك عن ادراك الى اين تتجه المنطقة العربية والانسان العربي!