لا نقص لدى داعش في مخزون الانغماسيين المستعدين لتفجير أنفسهم في عمليات ارهابية. ثلاثة في مطار أتاتورك في اسطنبول بعد ثمانية في القاع بعد مئات في المعارك العسكرية والغزوات ضد المدنيين. والآتي أعظم. فما يعترف به مدير الاستخبارات المركزية الأميركية هو ان حرب أميركا على داعش لم تكبح قدرته على الضرب في أي مكان. والمفاجأة بالنسبة الى الرجل الذي كان مستشاراً رئاسياً في مكافحة الارهاب هي ان لم يكن داعش يخطط لعمليات في أميركا وضد أهداف أميركية في الخارج.
لكن برنيان يبدو متحفظاً بالمقارنة مع جيش الخبراء اللبنانيين الذين يوحون ان أهداف داعش من غزوة القاع الفاشلة مقروءة أمامهم كأنها في كتاب مفتوح. فضلاً عن ان ما سمعناه في الأيام الماضية للرد على خطر داعش هو سلسلة من الاقتراحات التي يتطلب بعضها تغييراً جذرياً في الوضع الداخلي وبعضها الآخر قرارات دولية.
وما يتكرر كلما تعرّض لبنان لعملية ارهابية أو جرى نقاش في موضوع النازحين السوريين هو مطالبة جهات معيّنة بأمرين لكل منهما محاذيره ومخاطره وحساباته: أولهما أن يخوض الجيش اللبناني معركة هجومية في جرود القاع ورأس بعلبك وعرسال. وثانيهما ان يتم التنسيق السياسي الرسمي بين بيروت ودمشق حول أوضاع النازحين.
ذلك ان ارهاب داعش في لبنان ليس معزولاً عن ارهابه في سوريا والعراق وأي مكان. ومواجهة لبنان لداعش ليست معزولة أيضاً عن المواجهة الاقليمية والدولية. لكن هذه المواجهات في حاجة الى مراجعة، لأن داعش ليس القاعدة ولا مجرد مجموعة ارهابية ولن تنجح في القضاء عليه أساليب محاربة الارهاب ومحاربة التمرد كما تقول البروفسورة اودري كيرث كرونين مديرة برنامج الامن الدولي في جامعة جورج ماسون ومؤلفة كتاب كيف ينتهي الارهاب.
والواقع ان قوة داعش هي في اقامة دولة زائفة لها عاصمة ومدن فوق اجزاء من سوريا والعراق وتسميتها دولة الخلافة بما لاستعادة الخلافة من جاذبية للشباب. والانطباع السائد هو ان داعش يقوم بعمليات انتحارية في الخارج كلما تلقى ضربة أو أخرج من مدينة. وهذا، في رأي الخبير الفرنسي في الحركات السلفية والاسلام السياسي اولفييه روا، أمر لا فائدة استراتيجية له، مثل القصف الجوي على داعش من دون قوات برية.
والسؤال تكراراً، وسط قدرة داعش على الهجوم مع الدفاع عن مواقعه والتفجير الارهابي في بلدان عدة على الرغم من ثلاثة تحالفات دولية لمحاربته هو: هل انتهت وظيفة داعش؟