IMLebanon

«داعش» ما زال يواصل الصعود

يتعين على مرشحي الحزبيين الديمقراطي والجمهوري الموافقة على حقيقة السياسة الخارجية الأميركية وهي أن قدرات تنظيم داعش لم تنحسر. فبعد ثمانية عشر شهرا عملت فيها الولايات المتحدة على «تقليص قدرات التنظيم والقضاء عليه كليا»٬ أصبح داعش قوة عالمية بمقدورها ضرب أهداف في أوروبا٬ وآسيا٬ وأفريقيا٬ وأميركا.

فـ«الخلافة» التي أعلنها داعش في يونيو (حزيران) 2014 والتي تمركزت في العراق وسوريا٬ أصبح لها الآن نحو خمسين فرعا أو جماعة موالية في 21 دولة٬ وأعلنت سيطرتها على 33 منطقة في إحدى عشرة دولة من هذه الدول.

وعلى الرغم من فقدان داعش لحوالي 25 في المائة من المناطق التي كانت تخضع لسيطرته٬ عندما كان في أوج قوته في العراق وسوريا٬ تمكن التنظيم من فرض وجوده عالميا وحتى في الفضاء الافتراضي.

«تتبع داعش وسترى نفوذه في مختلف بقاع العالم»٬ حسب ريتز كاتز٬ أحد مؤسسي موقع «سايت انتليجينس غروب»٬ مضيفا أن «أول خطوة في محاربة داعش هي أن نتوقف عن وصف المتطرفين كمجرد عصابة من الشباب تتنقل على شاحنات٬ بل يجب أن نعتبرها تهديدا للأمن الدولي».

خلال الأسابيع الأخيرة٬ تحدث الرئيس أوباما ومستشاروه عن تصعيد الإجراءات الأميركية٬ غير أن مسؤولين عسكريين واستخباراتيين قالوا إن الخطوات الإضافية محدودة. وكانت وزارة الدفاع الأميركية أعلنت عن أسر ومقتل قوة العمليات الخاصة الأميركية التي تضم 200 جندي بالعراق. لكن تلك القوة تعتبر أصغر بكثير من قوة العمليات المشتركة الخاصة التي وجدت في العراق منذ عشر سنوات بغرض التعامل مع التهديد الأصغر الذي مثله تنظيم القاعدة بالعراق.

أكثر ما يثير حماسة أوباما لهذا الأمر هو رغبته في مواجهة ادعاء المتطرفين بأن تلك المواجهة ما هي إلا حرب بين الإسلام والغرب. وكان أوباما قد ألقى محاضرة بليغة عن التسامح خلال خطبة ألقاها مؤخرا في مسجد بولاية بالتيمور٬ لكن ليس ثمة دليل على أن أوباما أراد بتلك الرسالة التي وجهها للمسلمين الإشارة إلى نمو تنظيم داعش.

يظهر وجود داعش داخل ليبيا وإندونيسيا التمدد الواسع الذي نجح التنظيم في تحقيقه مؤخرا والصعوبات التي يواجهها التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة في مجابهته ومنع توسعه في أوروبا وآسيا.

في ليبيا٬ ضاعف التنظيم من وجوده خلال العام الماضي بزيادة أعداد منتسبيه لتتراوح بين 5000 و6500 مقاتل٬ وفق تقرير نشرته صحيفة «نيويورك تايمز» مؤخرا. وأضافت «التايمز» أن القوات المناوئة للمتطرفين «لا يمكن الاعتماد عليها نظرا لضعف تنظيمها وتفككها بسبب انتماءاتها المناطقية والقبلية»٬ وهي نفس المشكلات التي أعاقت الجهود الأميركية لتشكيل قوة سنية مناوئة للمتطرفين في سوريا والعراق.

وكان وزير الدفاع الأميركي جون كيري حذر الأسبوع الماضي من المخاطر المحدقة بالمناطق الغنية بالنفط في ليبيا بقوله: «آخر ما يتمناه أي إنسان في العالم٬ هو أن يرى خلافة زائفة قادرة على الاستحواذ على مليارات الدولارات من عائدات النفط». لكن على الرغم من تزايد المخاوف بشأن ليبيا لسنوات كثيرة٬ استمر التجاوب الأميركي على نفس حالة الضعف.

وفي إندونيسيا٬ نفذ داعش منذ مدة عملية إرهابية على غرار تلك التي نفذها في باريس في 14 يناير (كانون الثاني)٬ حيث شن مقاتلوه هجوما على نقطة مرور بوسط شارع مزدحم في جاكرتا تزامن مع تفجيرات في عدة مواقع بالقرب من مقهى ستاربكس٬ مما تسبب في مقتل ثمانية أشخاص وجرح أكثر من عشرين آخرين.

وأفاد مسؤولون أمنيون آسيويون بأن هجمات جاكرتا تظهر أن داعش أصبح يستهدف المسلمين المسالمين في دول مثل إندونيسيا٬ وماليزيا والفلبين. وكان منتسبو داعش في إندونيسيا أول من أقسم على الولاء للتنظيم٬ بعد إعلان أبو بكر البغدادي تأسيس الخلافة في يونيو 2014.

ويعلن موقع صحيفة «البيان» الإلكترونية التابع لداعش عن العمليات التي يقوم بها التنظيم ويظهر مهاراته في الدعاية٬ حيث استمرت الصحيفة يوميا وعلى مدار الأسبوع الحالي في الإعلان عن الهجمات التي شنها التنظيم في ست ولايات أو مناطق على الأقل في نطاقه.

وفي العدد الأخير من مجلة «دابق» الإلكترونية الأنيقة٬ تباهى «داعش» بقدرته على ضرب الولايات المتحدة أيضا٬ حيث امتدحت المجلة منفذي هجمات سان برناردينو بولاية كاليفورنيا٬ التي هزت الولايات المتحدة بقولها: «سبق وأن حذرت المجلة من أنه مع استمرار الولايات المتحدة التي يقودها صليبيون في شن حربها على دولة الخلافة٬ فسوف يستمر المزيد والمزيد من المسلمين في إظهار رغبتهم في التضحية بكل غال ونفيس».

كيف تستطيع الولايات المتحدة وحلفاؤها مواجهة داعش بحكمة من دون أن تعطلها حرب عالمية تجري على الأرض؟ تلك هي أهم قضية تواجه السياسة الخارجية الأميركية. انحصرت النقاشات السياسية حتى الآن في التعليقات القصيرة والخطب٬ بدلا من التحليل الذي يؤدي إلى إجراءات مستديمة٬ ولذلك فإن هذه المشكلة لن تنتهي لكنها ستتفاقم.

*خدمة {واشنطن بوست}