IMLebanon

داعش» ينجح في جرّ الآخرين إلى ملعبه

يُجْمِعُ عددٌ من المراقبين على أنّ موجة «الترويع» الجديدة التي افتتحها تنظيم «داعش» أخيراً، من قطع رأسَي الرهينتين اليابانيين الى حرق الطيار الأردني معاذ الكساسبة حياً، في طريقها للتصاعد.

تحدثت وكالة الـ«أف. بي. آي» الفيدرالية الأميركية أمس الأول، عن رصد نشاطات غير اعتيادية داخل الولايات المتحدة، فيما أعلن مسؤولون أمنيون أنّهم يتبادلون الرسائل والمعلومات مع أكثر من دولة إزاءَ تلك التهديدات، بما فيها لبنان، مع إعلان الجيش عن وجود إنتحاري «متجوّل».

ويتوقع المراقبون أنّ ينفّذ «داعش» هجمات جديدة لرفع معنويات محاربيه ومؤيّديه، بعد الهزائم التي مُني بها سواء في العراق أو سوريا، فضلاً عن كشف بعض خلاياه في عدد من البلدان. غير أنّ الخطورة لا تكمن في هذا الجانب، فيما تداعيات قتل الطيار الاردني بدأت في الظهور مع إعلان دولة الإمارات العربية والأردن تعليق مشاركتهما الجوية في جهود التحالف الدولي ضدّ «داعش».

كان لافتاً الحوار الذي شهدته جلسة لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ الأميركي لتثبيت وزير الدفاع الجديد آشتون كارتر، عندما أشار رئيس اللجنة جون ماكين الى أنّ «داعش» يربح الحرب، ليردّ عليه كارتر بالتصويب مجدّداً على إيران، وتصنيف دورها في المنطقة بأنه يعادل ما يقوم به هذا التنظيم.

كلام وزير الدفاع اعتُبر رداً على ما كشفته صحيفة «نيويورك تايمز» بأنّ قرار الإمارات تعليق مشاركتها ناجم ليس فقط عن أسباب لوجستية تتعلّق بتوفير أطقم الإنقاذ بالقرب من العمليات، بل عن غضّ الطرف الأميركي على ما تقوم به إيران في العراق وسوريا.

لا بل تحدّثت تقاريرُ إعلامية وإستخبارية أميركية عدة عن دور إيران الخطر على الأرض، ما شكل ضغوطاً على الإدارة الأميركية التي تجهد لتبرير سلوكها السياسي والعسكري والاستخباري مع طهران، في ظلّ تنامي الشعور بعقم الإستراتيجية المتبَعة لهزيمة «داعش» على المدى الطويل، بعدما نجح في استدراج الآخرين الى ملعبه، من دعوات الثأر في الأردن، الى بيان مشيخة الأزهر عن تطبيق حدّ «الإحتراب» ضدّ «داعش» عبر قتل عناصره وقطع أرجلهم وأيديهم.

أوساط ديبلوماسية عربية وأخرى أميركية «معارضة» في واشنطن، تشدّد على سياسة غضّ النظر التي تمارسها إدارة الرئيس باراك أوباما عن سلوك طهران، في ما يشبه محاولة تلزيمها أو على الأقل، إشراكها في إدارة ملفات المنطقة، شرط تخلّيها نهائياً عن أحلامها النووية، عبر محاولة التوصل الى اتفاق ينزع «أسنانها» النووية، مثلما نُزعت أسنان النظام السوري الكيماوية!

بهذا يعود النقاش الى مربّعه الأول، عبر التحذير من أنّ الدور الإيراني لم يكن ليسمح له بالتمدّد لو لم يكن هناك رضى أميركي عنه. حتى دخول «حزب الله» الى سوريا ما كان ليحصل لو لم ينل موافقة ضمنية أميركية وإسرائيلية، فيما المواجهات «الجانبية» بين إسرائيل وإيران كما حصل أخيراً في القنيطرة ومزارع شبعا، هي من أعراض تحسّس الأقدام ورسم المواقع.

وإذ تُذكّر تلك الأوساط بأنّ دخول النظام السوري الى لبنان عام 1976 كان نتيجة توافق أميركي ـ إسرائيلي ـ دولي بغطاء عربي، تُحذّر من أنّ الظروف التي يمرّ بها العالم العربي اليوم تختلف جذرياً عما كانت عليه قبل أكثر من ربع قرن، مع إنزلاق أوضاع البلدان العربية نحو التفكّك وإنعدام الوزن والفراغ، في ظلّ احتمال أن ينجح «داعش» في تحويل قضية العرب، قضية إرهاب، وسط تأزّم سياسي وثفافي وإجتماعي، يعمل الآخرون على ملئه.

في هذه الحال، لا تُقاس الأضرار «الجانبية» التي قد تصيب العالم الغربي من موجة الإرهاب التي تضرب المنطقة، فيما الخاسر الأكبر هو الدول والكيانات العربية التي تضمحلّ حدودها وتتفكّك شيئاً فشيئاً، مع تعمّق أزماتها السياسية والكيانية، من العراق الى ليبيا، وصولاً الى الجزائر وسلطنة عمان.