«داعش» صنيعة الكلّ، حاضرة في الاتهامات المتبادلة سواء كان صانعوها باراك أوباما أم بشّار الأسد أم إيران وحرسها الثوري أم الفكر الوهّابي، «داعش» اليوم حاجة لكلّ هؤلاء، الكلّ يُحاربها والعالم كلّه منخرطٌ في ادّعاء أنّه يحاربها في تحالف دوليّ فاشل يقصف بطيرانه فاتحاً الطريق لداعش للتنقّل من دولة إلى أخرى، تفجير قندهار أعاد إلى الأذهان من أين بدأت الحروب العظمى من أفغانستان من حيث انطلق الوحش الذي سمّي حينها «الأفغان العرب»، أعداد هائلة من شباب تم التغرير بهم تحت عنوان محاربة الإلحاد، ولم يلبثوا أن تحولوا إلى وحوش مرتزقة تتنقّل من دولة إلى أخرى، ونظام بشّار الأسد أكبر المستثمرين في صناعة الإرهاب ما يزال يستثمر ويبني بقاءه واستمراره بالحديث عن الإرهاب، من يتذكّر اليوم أنّه وبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر طالب نظام بشّار العالم بأن يُعرّف ما هو الإرهاب؟!
«الأسد يلعب بالنار أكثر بكثير مما يمكن لسوريا أن تحترق»، هذه خاتمة الدراسة التي حملت عنوان: «الطريق السوري إلى الإرهاب الإسلامي ـ شتاء العام 2010»، هذه دراسة لمايكل روبن وهو باحث مقيم في معهد المشاريع الأميركي، وحاضر في كلية الدراسات العليا للبحرية الأميركية، وخبير متمكن في النظام السوري وأحابيله وألاعيبه، والدراسة تناولت مفاصل كثيرة، بعد بدء العمليات العسكرية ضد العراق في آذار 2003 عندما بدأت وزارة الدفاع الأميركية بالتعبير عن قلقها من الدعم السوري للإرهاب هناك، وفي مؤتمر صحافي عقده في بغداد عام 2004، قال الجنرال ريتشارد مايرز رئيس هيئة الأركان المشتركة أن «هناك آخرون من المقاتلين الأجانب ونحن نعرف بعين الصواب أن الكثير منهم وجدوا طريقهم إلى العراق عبر سوريا بالتأكيد» ووفقا لبعض التقديرات ربما 80 في المائة من الأجانب المقاتلين الذين تسللوا إلى العراق دخلوا عبر الحدود السورية، وأنهم كانوا المسؤولين عن معظم العمليات الانتحارية المدمرة في العراق، وقاد تتبع المحقق الايطالي لعملية تجنيد المقاتلين الأجانب في إيطاليا إلى أن «سوريا عملت كمركز لشبكة القاعدة» بالرّغم من كلّ الدلائل بشار الأسد نفى مراراً أي تورّط لنظامه في تسهيل الإرهاب في العراق.
«إعادة» تركيب «بازل» المشهد الحاضر اليوم أمام أعيننا، فخلال عاميْ 2012 و 2013 توالت سلسلة عمليات فرار من سجون تسع دول أعضاء في منظمة البوليس الدولي خلال شهر تموز وبالتحديد من سجون العراق، وليبيا، وباكستان، يومها أطلق الأمين العام للمنظمة الدولية إنذاراً أمنياً عالمياً، دعا فيه إلى توخي أقصى درجات الحذر، وهنا من الضرورة أن نعيد إلقاء نظرة على البيان الصادر عن وكالة التعاون البوليسي في 3 آب 2013، الذي كشفت فيه الوكالة عن أهم العمليات التي وقعت: في 23 تموز فرار من 500 إلى 1000 سجين من سجني تاج وأبو غريب في العراق ومن تحت «عين» نوري المالكي، في 27 تموز سجل فرار 1117 سجيناً من سجن قوافيا بمحافظة بنغازي في ليبيا، وفي ليلة 29-30 تموز فرّ 243 من عناصر طالبان من سجن دارة إسماعيل خان (منطقة قبلية باكستانية)، وتمّت عمليات الهروب هذه بعد عمليات كوماندوس دقيقة جداً.
هذا الفرار الجماعي من أكثر من سجن ولعتاة إرهابيي القاعدة، والذي تزامن مع قرارات عفو رئاسي لبشار الأسد أخرجت كثيرين من الإرهابيين بعدما تمّ تكليفهم بمهمة محدّدة، فالآن كبرت حاجة النظام إلى ردّ هؤلاء الجميل له، بعدما دعم إيران بـ الدولة الإسلامية في العراق لتقوم بتنفيذ عمليات إرهابية على الجيش الأميركي، والآن حان وقت عودة كثيرين ممّن تولّى بشّار فتح الطريق لهم إلى العراق إلى يعودوا إلى «العبور السوري»!!
بشّار الأسد وما يسمّى بالمعارضة أو تحالف المعارضة، كاسران إلى حدّ أخذ سوريا إلى تهجير شعبها كلّه، هكذا نظام إرهابي استبدَّ على مدى أربعة عقود ويزيد لا يمكن إلا أن يُنتج هكذا معارضة مفككة، قد يكون من الصعب على كثيرين أن «يبلعوا» ما سنقوله، إلا أنّ مصداقيّة توصيف ما آلت إليه الأمور في سوريا بأنّها لا تحكم إلا بديكتاتور دموي مثلها مثل ليبيا، حان الوقت لنعترف بأنّ «التوك» الحقيقي هو في الشعوب، وليس فقط في الحكّام المجرمين، كأنّها شعوب لا تحكم إلا بالخوف والعسكر!!