هل كان اللبنانيون بحاجة إلى صدمة تهريب حزب الله لإرهابيي النصرة وداعش لتتأكد ظنونهم بأنّ داعش صنيعة إيران وأنّ العلاقة وثيقة جداً بينها وبين حزب الله ونظام بشار الأسد، أم كانوا بحاجة إلى خبر انضمام 113 إرهابياً من داعش المهرّبين من جرود القاع ورأس بعلبك إلى نظام الأسد ليتأكدوا أنّ ما كان ظنّاً بات يقيناً، في 29 نيسان العام 2015 كتبنا في هذا الهامش مقالة حملت عنوان «داعش الإيرانيّة»، يومها كان العالم يتابع بصمت فضيحة إيرانيّة ـ داعشيّة عبر المحطات الإخباريّة صور جوازات سفر لقتلى من داعش» ممهورة بالأختام الإيرانيّة!!
ربما يتوجّب علينا أن ننعش ذاكرة كثيرين بما سبق وكتبناه عن علاقة «داعش» الإرهابيّة صنيعة إيران الإرهابيّة، ففي حزيران العام 2014 طرحنا السؤال في هذا الهامش هل «داعش.. فيروس أميركي أم إيراني»؟ ربما علينا اليوم أن ندقّق أكثر في هوية «داعش» الإرهابيّة الإيرانيّة، من يتذكّر اليوم أنّ خلايا داعش الإرهابية تحرّكت في المملكة العربية السعوديّة بالتزامن مع انطلاق «عاصفة الحزم» وهذا لا بّدّ أن يُعيدنا إلى هناك إلى حيث نشأت «داعش» تحت عين «المفوّض الإيراني» نوري المالكي!!
في 14 كانون الثاني 2015 وفي مقال نشره بصحيفة «الشرق الأوسط» كشف الأمير تركي الفيصل عن «علاقة وثيقة بين إيران والتنظيمات المتطرفة المنتشرة في سوريا والعراق»، وكشف أنه «عقب الاحتلال الأميركي للعراق وتدمير المؤسسات الحكومية العراقية – من جيش وأمن ووزارات – في عام 2003، سمحت الحكومة الإيرانية لمن أراد من مخلّفات تنظيم القاعدة بالتسلّل إلى العراق الذي وجدوا فيه بيئة خصبة لتنفيذ مخططاتهم، فأعادوا تشكيل أنفسهم تحت اسم «القاعدة في بلاد الرافدين»، وهذه النقطة بالذات «قتلت بحثاً»، ومن قبل الغرب قبل العرب أيضاً، وهنا نشير إلى ما كشفه الصحافي الألماني كريستوف رويتر مؤلف «تنظيم داعش» أو «القوة السوداء» عبر صفحات مجلة ديرشبيغل…
سبق وكتبنا في هذا الهامش عن «القاعدة»، التي أدّت دورها الأميركي أولاً، والإيراني ـ السوري لاحقاً، وقبل نهاية القاعدة أسس نظام بشّار الأسد في العراق «داعش» تحت عنوان «دولة الإسلام في العراق والشام»، وثمّة الكثير مما يدّل ويؤكّد على تحضّر النظام السوري لزعزعة العراق والمنطقة خدمة لإيران وللـ»القوس الشيعي الممتد من إيران إلى العراق فسوريا وحزب الله في لبنان»، وأشرنا تحديداً في تموز العام 2014 أن إيران «كانت الحضن الدافئ للقاعدة ورجالها الذي انتقلوا من طهران إلى اليمن لتنفيذ ما تبقى من مصالح إيرانية تتيح إقامة دولة شيعيّة تتصل لاحقاً بدولة شيعيّة تُعدّ العدّة لإنشائها في المملكة العربية السعودية أو محاصرتها وزعزعة أمنها إلى حين إنشاء دويلتها هناك»، ونعيد هنا التأكيد أن من يريد أن يفهم لماذا ضربت الهستيريا إيران وحزب الله بسبب «عاصفة الحزم» ما عليه إلا أنّ يتصفّح كتاب «عصر الظهور» والذي يصح أن نسمّيه «المخطط الإيراني» بلغة «عقائدية»!!
وللذاكرة فقط، مقال الأمير تركي الفيصل المنشور مطلع العام 2015، هو أشبه بكتابة المخطط الإيراني بلغة سياسيّة، إذ شرح كيف تشكلت «داعش» والوجه الذي حمل أولاً اسم «القاعدة في بلاد الرافدين» وكيف انضم إلى «قاعدة إيران» آخرون من دول الجوار، مثل: أبو مصعب الزرقاوي [أطلق سراحه نوري المالكي فور الإنسحاب الأميركي]، ومحسن الفضلي زعيم ما يسمى «كتائب خراسان»، وهو من عائلة شيعية كويتية معروفة، والمتهم بالتفجير الذي استهدف محمد باقر الحكيم في النجف، كما سمحت له الحكومة الإيرانية بالانتقال إلى سوريا بعد الثورة السورية، ومن سوريا وفدت مجموعة أتاح لها بشار الأسد التسلل عبر الحدود الفاصلة بين البلدين ومنهم أبو محمد الجولاني زعيم «جبهة النصرة» وأبو محمد العدناني المتحدث باسم ما سمي «الدولة الإسلامية في العراق والشام».
هذه المرّة؛ وثّقت دماء شهداء الجيش اللبناني وصفقة حزب الله «الداعشيّة» وبيانه الفاضح المتخوّف على الداعشيين من مجزرة، أنّ داعش إيرانيّة، وهذا أمر لا لبس فيه بعد اليوم.