أجمعت مختلف الأطراف الداخلية والخارجية، على التريث في طرح استقالة الحكومة مباشرة، الذي تمناه الرئيس ميشال عون ووافق عليه الرئيس سعد الحريري، بمسعى من الرئيس نبيه بري، ومساهمة تسويقية فرنسية وقبول سعودي.
لكن ماذا بعد التريث، من حيث المهلة والاجراءات وطبيعة العمل الحكومي؟…
المصادر القريبة، أضافت على الأسبوعين اللذين أفيد عنهما، كمهلة لتصحيح التسوية السياسية أسبوعين آخرين، بمعنى ان الجهات المعنية لم تترك المهلة مفتوحة، كما أوحي من خلال نفي مهلة الأسبوعين، بل ان الكلام دار على مهلة تنتهي بنهاية السنة ولمدة شهر كامل، بعدها يصبح كل طرف مسؤولا عما قدّم وما أخّر.
وثمة اشكالية منتظرة في موضوع تفسير التريث، فالبعض اعتبره استقالة ضمنية، والبعض الآخر وصفه بالاستقالة من الاستقالة أي تراجع عن الاستقالة، والوسطيون، اعتبروا التريث مدخلا لخطوات سياسية متقابلة، وخصوصا من جانب حزب الله، في ضوء تفاهم قادة الدول الكبرى والعربية، على النقاط الأساسية المطلوبة، وفي طليعتها، القناعة بأن الحزب يحمّل البلد الصغير أكثر مما يتحمّل، ويعرّضه للنيران التي لفحت جواره، ما قد يفضي الى تطاير شرره البشري الكثيف، الى السواحل الأوروبية، مرة أخرى.
والاشكالية لا زالت عالقة، عند النقطة المتعلقة باجتماع مجلس الوزراء المتريث في بتّ مصير استقالته…
المنادون بدستورية الاستقالة التلفزيونية، ينكرون جواز عقد جلسة لمجلس وزراء يعتبرونه في حالة استقالة، ولو مع وقف التنفيذ مؤقتا، على أساس ان التريث حول الحكومة من سلطة قرار الى ادارة تصريف أعمال، في حين ترى أوساط رئيس الحكومة سعد الحريري، ان التريث يجمّد الاستقالة، وبالتالي يعطّل مفعولها، واستطرادا يصبح من الجائز للحكومة الاجتماع. ولو من قبيل الضرورة الماسة، إذ انه لتصحيح التوازنات المشكو من اختلالها، ثمة تعيينات يجب اجراؤها، وفي رأس القائمة محافظ جبل لبنان، الذي كانت المماطلة في تعيينه، ضمن المنصّات التي أطلقت منها السهام السياسية على رئيس الحكومة، من جانب بيئته الحاضنة.
دعاة تمرير جلسة أو اثنتين لمجلس الوزراء، من أجل تمرير البنود التوازنية، يخشون من ان تؤدي المكابرة في الرفض، الى تراجع الفريق المتجاوب الى متراس الممانعة والرفض، والرافضون لمبدأ كسر الاستقالة، لا يراهنون أساسا على الكثير من كرم الممانعين، وقد أعطتهم تصريحات قائد الحرس الثوري الايراني محمد علي جعفري أمس، الرافضة لمجرد التفكير بنزع سلاح حزب الله، شحنة دعم لتصلبّهم، في الاصرار على آحادية الدولة والجيش، وعلى سياسة النأي بالنفس، وعلى اقفال مواقع بث الكراهية والتحريض ضد الأشقاء العرب.
والراهن ان موقف طهران الحاضن لديمومة سلاح حزب الله، ليس جديدا، ولطالما كان كذلك، وعمليا هو وجد ليبقى كذلك. ويروي أحد المواقع المعروفة بالمناسبة، واقعة حصلت أثناء زيارة رئيس الحكومة سعد الحريري الى طهران يوم ٢٧ آذار ٢٠١٠، حيث تداول مع الوفد المرافق الذي من بين أعضائه وزير الثقافة يومذاك، طارق متري، بامكانية طرح مسألة سلاح حزب الله مع المرشد الأعلى الإمام علي خامنئي، بينما كانوا يهمّون بالدخول عليه في مكتبه، وبعد الترحيب والعناق، فوجئ الرئيس الحريري بالسيد الخامنئي يسأله: هل قرأت رواية أحدب نوتردام؟ ثم أكمل، في هذه الرواية سيدة جميلة جدا، هل تذكر اسمها؟
تولى الجواب الوزير متري قائلا: أزمرلدا…
فقال له خامنئي: أحسنت أنت وزير ثقافة بصحيح… ثم أضاف: كان لدى هذه السيدة خنجر جميل وحاد كلما حاول أحد الاساءة اليها من ذوي النفوذ أو الثراء تدافع عن نفسها بهذا الخنجر…
وتوجه الى الرئيس الحريري قائلا: سيدي رئيس الوزراء، لبنان مثل هذه السيدة الجميلة، انه عروس البحر المتوسط، كل الدول تريده، واسرائيل خطرها عليكم كبير، وسلاح المقاومة هو خنجر أزمرلدا…