IMLebanon

“داهش” الرمادي و”داهش” تدمر

عندما يتمكن تنظيم “داعش” من السيطرة على الرمادي مركز محافظة الأنبار العراقية وعلى مدينة تدمر التاريخية في سوريا في خلال ٤٨ ساعة، لن يكون من المستغرب إذا استبدل البعض حرف العين بالهاء لنصبح امام “داهش” بدلاً من “داعش”.

ليس هذا تعليقاً على ما كتبته “الواشنطن بوست” من ان باراك اوباما أصيب بالدهشة عندما علم بسقوط الرمادي، وأنه لم يكن يتوقع ان يحرز الإرهابيون هذا الإنتصار، بل لأن “داعش” يوسّع سيطرته في مناطق عراقية وسورية ذات أهمية استراتيجية وإقتصادية، على رغم الإعلان قبل تسعة أشهر وتحديداً في ١٠ ايلول من العام الماضي، عن قيام تحالف دولي من أربعين دولة لمحاربته، فهل بات هذا التحالف من النسيان أو من الأوهام؟

“الداهش” لا بل الفاجع ان ما حصل في الموصل تكرر في الرمادي فقد فر الجنود العراقيون تاركين وراءهم أرتالاً من الأسلحة الثقيلة وهو ما أثار الغيظ في واشنطن، التي اعلنت انه كان يمكن تلافي الهزيمة لو ان الحكومة العراقية كانت أسرع في اشراك العشائر السنّية في الأنبار في معركة الدفاع عن أرضهما، ولهذا لن تتوانى عن تقديم السلاح مباشرة الى عشائر الأنبار!

يدرك العراقيون جيداً ان سيطرة “داعش” على الأنبار تشكل خطراً حقيقياً على بغداد وعلى محافظة كربلاء ايضاً، ولهذا كانت دهشة أوباما مضاعفة لأنه يعرف انه لولا مساندة الطيران الأميركي لما كان في وسع “الحشد الشعبي” الشيعي ان يدخل تكريت، ولن يكون من السهل عليه الآن دخول الرمادي.

سقوط تدمر التي تعرف بأنها “لؤلؤة الصحراء” بعد ٢٤ ساعة في يد “داعش” يجب ان يصيب أوباما وكثيرين غيره بما هو أكثر من الدهشة، ليس لأن العالم المتحضّر سينضم الآن الى زنوبيا ملكة تدمر التي هزمت الفرس عام ٢٧٠ ووصلت الى آسيا الصغرى، في ذرف الدموع على الآثار الثمينة التي ستتعرض للتدمير كما حصل في الموصل فحسب، بل لأن تدمر يمكن ان تشكل منجماً ثرياً جداً لتمويل الإرهابيين!

صحيح ان الدواعش غنموا كميات كبيرة من الاسلحة والذخائر مع اقتحامهم تدمر، ولكن الأهم انهم سيقيمون تجارة غنية جداً للآثار التدمرية في السوق السوداء ثم يدمرون ما يتبقى، لينصرفوا الى استغلال حقول الفوسفات الغنية في المنطقة.

ان سيطرة “داعش” على تدمر لها أهمية جغرافية تؤثّر في مسار المعارك لأنها تفصل شمال سوريا عن جنوبها وشرقها عن غربها وجنوبها، وهو ما يمكن ان يربك قوات المعارضة في القلمون والغوطة، فهل يعني هذا مثلاً ان النظام سلّمها كما حصل في الرمادي لحسابات تتعلق بالمعركة الدائرة في القلمون وغوطة دمشق؟