IMLebanon

الضاحية ترد على الجريمة

إن الجريمة النكراء هي جريمة سياسية تستهدف، فيما تستهدف، إصابة المقاومة بجراح بليغة، وزرع اليأس في صفوف الناس وإثارة الفتن في ربوع بلد يعاني من غياب سلطاته وتردّي مؤسساته ويعمل جاهداً لتحمّل أعباء تنوء لها دول كبيرة مستقرة.

ولقد برهن الإرهاب المنظّم، من خلال هذه الجريمة الوحشية التي هزّت البلاد وأيقظتها مرة أخرى على المخاطر المحيقة بها، انه لا يتورع عن ترويع المدنيين، وقتل الأطفال، ونقل ميادين القتال إلى الشوارع المكتظّة بالأهلين، والاستهتار بالقيم الدينية والتنكر لنعمة الحياة، وهو بذلك يفرض معركة حتمية على لبنان وكل ما يمثله من تعددية حضارية وقيم ديموقراطية وتطلعات عصرية. وهذه المعركة التي حاول لبنان تجنبها بشتى الوسائل أصبحت واقعاً لا يمكن تفاديه… واقعاً يستلزم الوعي والإعداد بروحية جديدة تأخذ بعين الاعتبار المستجدات والمتغيرات ومصالح لبنان العليا.

وإذا كانت الضاحية قد تعودت خوض المعارك الضارية بوجه انحرافات الداخل واعتداءات الكيان الغاصب، فإنها اليوم ومعها لبنان كله تواجه تحديات مصيرية معقدة ومتشعبة ما يستدعي استنفاراً وطنياً شاملاً يواجه الإرهاب ويكشفه ويحاصره، أمنياً وثقافياً واعلامياً، من خلال جبهة لبنانية واسعة تتخطى الانقسامات الحالية وتتخلى عن عقلية المغانم والمصالح الفئوية، وتعتمد الخطاب السياسي المعتدل الذي يستوعب حالة التعصب المستشرية، ويستنهض مؤسسات الدولة والمجتمع، ويعيد الثقة إلى الشباب الرافض للمحسوبية والنهب والفساد وكل الأمراض التي تغذي اليأس والتطرف.

إن الضاحية التي عضّت على الجرح النازف، وأدت الفتنة قبل أن تطل برأسها، وأحبطت أغراض المجرمين الذين توغلوا في دمها، فإنها قبل التضامن والتقدير تحتاج إلى التمثّل بهذا الموقف الوطني النبيل والوقوف صفاً واحداً بوجه من يروم الشقاق بين اللبنانيين، أو بينهم وبين أشقاء يعيشون بيننا وقد جاءت بهم الحروب المتواصلة التي تشنها القوى الصهيونية الاستعمارية على بلادنا.