Site icon IMLebanon

معاناة ذوي الدخل اليومي… “إن لم نمت بـ”كورونا” سنموت من الجوع!”

 

إستحوذ “كورونا” على كل النشاطات والإهتمامات شمالاً وأصبح الناس أسرى الحَجر المنزلي للحفاظ على صحتهم، لكنّ الحجر خنق أصحاب الدخل اليومي.

 

وقبل أزمة “كورونا” اضطر الكثيرون للتوقف عن العمل بسبب قطع الطرقات زمن الثورة، أو بسبب إقفال العديد من المؤسسات. بعضهم تحوّل إلى العمل اليومي في جمع الحشائش والخُضر وبيعها والبعض الآخر إلى بيع القهوة وما شاكل أو سائق أجرة، وبائع القهوة وأي عامل مياوم سواء في بيروت أو حتى ضمن مناطق الشمال، هو اليوم في منزله بانتظار الفَرَج. العديد منهم لا يملك اليوم ثمن ربطة الخبز التي تحتاجها عائلته، في وقت وصل فيه الغلاء إلى مستوى لم يشهده لبنان في تاريخه، وجشع التجار لا يرحم أحداً. استطلعت “نداء الوطن” أحوال العديد من الأشخاص في الشمال ومنهم العمال المياومون الذين يعملون على قاعدة “كل يوم بيومه”.

 

“وحده الله يعلم كيف نعيش”

 

من بلدة الحويش تحدَّثنا إلى موسى سعيد عبدالقادر وهو رجل من ذوي الاحتياجات الخاصة وأب لطفلين. كانت لديه قهوة تم إقفالها بسبب حالة الطوارئ المفروضة في البلاد. يسكن مع موسى في البيت أمه وأخته وزوجته وأولاده ومصروفهم عليه. اليوم أصبح موسى من دون عمل. ويقول لـ”نداء الوطن”: “أنا مع تطبيق القانون لأجل السلامة العامة ولكن في المقابل ماذا سأقول لأولادي وزوجتي وأهلي الذين هم بحاجة يومية إلى خبز وطعام وحاجيات مختلفة؟ من سيعوّض علينا طيلة هذه الفترة وكيف لنا أن نصمد؟ وحده الله يعلم كيف يمر علينا كل يوم وكيف نعيش. تطبيق حالات الطوارئ بحاجة من الدولة في المقابل إلى سياسة الدعم للفقراء لكي يستطيعوا المواجهة، وإلا فإنهم يطبقون علينا الخِناق من كل جانب”.

 

المعيل الوحيد لـ 13 شخصاً

 

حال مصطفى محمود خضر ليس أفضل من حال موسى. فهو أب لأربعة أولاد مصروفهم من الدواء أكثر من 120 ألف ليرة شهرياً وهو كان عاملاً مياوماً في بيروت ولديه أولاد مرضى. توقف عمله هذه الفترة وجلس في المنزل. ويقول لـ “نداء الوطن”: “توقفنا عن العمل من أكثر من أسبوع والتزمنا المنزل ولكن أنا وكثير من زملائي الآن بلا مدخول. ولو كان هناك لدينا بضعة ملايين نعتاش منها حتى تمر هذه الفترة لكان الأمر سهلاً، لكن هكذا بلا مقومات لن نستطيع الصمود ولا ندري كيف سنعيش لا أفق لدينا ولا خيارات”.

 

ومن الحويش إلى بلدة ببنين العكارية حيث الرجل الستيني أبو طلال المكاري الذي يبيع القهوة على باص صغير عمره من عمر الزمن والأزمات. أبو طلال هو المعيل الوحيد لـ 13 شخصاً ويعيش هو الآخر وعائلته من مدخوله اليومي. نتيجة الحَجر المنزلي المفروض أُجبر أبو طلال على ملازمة المنزل ووقف العمل والحركة. يرى أبو طلال أن أموره “أصبحت كارثية هي في الأصل لم تكن على ما يرام بعد أن أصبح سعر كيلو القهوة أكثر من 20 ألف ليرة”. ولكن من دون أي ألف ليرة مدخول ماذا يفعل؟. يتابع أبو طلال حديثه: “حاولت أن أهرب باتجاه منطقة (الحوش) حيث أُوقف الباص كل يوم لأبيع القهوة كما كنت في السابق. جاءت القوى الأمنية وأنا أحييها على عملها، وأجبرتني على الإقفال منعاً للتجمعات. عندي 13 نفساً في البيت من أين سأؤمن لهم حاجياتهم؟ أنا إن لم أمت بالكورونا سأموت من الجوع. البلديات تعرف حاجياتنا أنا وغيري من الفقراء الذين هم تحت خط الفقر منذ زمن، ومن الواجب أن يتحركوا تجاهنا. كيف سأؤمن الخبز والأكل والمصاريف لهذه النفوس التي تعتاش في منزلي من عملي اليومي في بيع القهوة؟ أنا لا أستفيد من أي نوع من أنواع المساعدات فليجدوا لنا حلاً لأننا سنموت من الجوع إذا بقينا بدون عمل”.

 

التكافل الاجتماعي

 

من جهته الشيخ حسن الأكومي من فاعليات قرية الحويش في عكار يقول لـ”نداء الوطن”: “في ظل هذه الظروف التي تمر فيها البلاد والعباد ندعو أهلنا في عكار بهذه المنطقة المحرومة إلى الإعتماد على الذات، لكن ومع ذلك نسأل أيضاً: في ظل غياب الإمكانات الذاتية المتاحة كيف ستعيش الناس؟”.

 

أضاف: “قبل أزمة كورونا كانت المعاناة كبيرة واليوم زادت أكثر. على أهلنا التخفيف بالمصروف من جهة والميسورين منهم أن ينظروا نظرة رحمة إلى أصحاب العسرة، فيقدّموا لهم المساعدة والدعم والله يجزي أصحاب الإحسان خيراً وهذه أيام الإحسان والعطاء والخير فلا نضيعها ولا نضيّع الخير والأجر على أنفسنا”.

 

أين البلديات؟

 

ومع الحديث عن تحويل أموال إلى البلديات في المناطق في الأيام المقبلة، برزت أصوات تطالب البلديات بتحويل هذه الدفعات إلى أموال إغاثية تساعد الفقراء على الصمود في وجه الأزمة عبر مساعدات غذائية طارئة، علماً أن بعض البلديات قد بدأ يتحرك على هذا الخط منذ أيام. ونذكر في هذا السياق تجربة بلدية بيت أيوب في هذا المجال، والتي تلقى استحسان الكثير من أهالي المنطقة، ويتمنى الكثيرون من أبناء القرى والبلدات أن “تحذو بلدياتهم الحذو نفسه، لأن أوضاع الناس المعيشية وصلت إلى درجة أن كثيرين، لم يعودوا قادرين على تأمين الخبز والأكل اليومي لهم ولعائلاتهم”.