IMLebanon

عتبٌ في دمشق… وكثيرٌ من العقلانية!

 

في دمشق الأجواء مختلفة، وكأنّ هناك مَن يقرأ ويستشرف مرحلة مقبلة مغايرة عمّا كان يُحكى طوال أعوام ماضية.

الإنزعاج كبيرٌ، خصوصاً تجاه عدم قدرة الحلفاء على تبرير الموقف السوري «المتفرّج»، من وجهة نظر حلفاء المقاومة في لبنان.

 

وبعيداً من الانزعاج الواضح، هناك ثغرة أوجدتها الحرب ونجح فيها الإسرائيلي، وهي تغييب السيّد حسن نصرالله عن المشهد، وهو الذي كان بـ«عباءته» يُدير المشهد ويرقّع سقطات حلفائه.

 

أسئلة عدة تجد إجاباتها في دمشق، تشي بأنّ قراءات القيادة السورية كانت لطالما مختلفة عن قراءات المقاومة في لبنان، وحتى عن الجانب الإيراني.

 

بدايةً، يرفض الجانب السوري مطلقاً عبارة «جبهة الإسناد»، كونه يعتبر أنّ المخطّط الاسرائيلي واضح في العمل على إنهاء حالات المقاومة في المنطقة، على رغم من مساندته في الموقف والفعل «حزب الله» في هذه المعركة.

 

وفي هذا الإطار تحديداً، يكشف مصدر سياسي سوري رفيع، أنّ كل متطلّبات التجهيز والإسناد لـ»حزب الله» لبّتها القيادة السورية بلا تفكير، وأنّ هذا الموقف نابع من موقفها الاستراتيجي الواضح الذي أرساه الرئيس حافظ الأسد منذ ما يزيد عن ثلاثين عاماً.

 

رفضه لفكرة «الإسناد» تأتي على رغم من تفهّمه للموقف المبدئي الوجداني للمقاومة في لبنان في الهبّ إلى فتح جبهة ثانية بعد غزّة، والتي يجد أنّها كانت خطوة ناقصة غير مجدية، لم تُخسر لبنان ورقة قوّته فحسب، بل خسّرت فلسطين والقضية والتوازن الاستراتيجي الذي كان «حزب الله» قد أحدثه.

 

يذهب الجانب السوري بما هو أعمق من ذلك، معتبراً في التفصيل أنّ الحفاظ على قواعد اشتباك من دون الذهاب نحو عوامل المفاجأة ساهم في إعطاء الإسرائيلي وقتاً للتخطيط السليم لرفع وتيرة عملياته والضرب «تحت الحزام».

 

لبنانياً، تجزم أجواء دمشق أنّ «حزب الله» لن تكسره الحرب، لكن كان عليه درس «عوامل النصر» بمقدار أكبر. سورياً، يكشف المصدر السياسي الرفيع أنّ كل ما يُحكى عن دخول إسرائيلي سهل وسريع من جهة القنيطرة نحو البقاع من أجل قطع طرق الإمداد هو أمرٌ من الخيال، وأنّ الجيش السوري جاهز للمواجهة وعدم التسليم في حال تمّ الإعتداء على السيادة السورية.

 

ما يعني أنّ دمشق «تعقلن» النزاع، وموقف قيادتها، الذي لم تجاهر فيه بعد ولا لأي مرّة معتمدةً الصمت المطبق، يقول بوضوح إنّ «حزب الله» تسرّع بإسناد غزّة، ويقول في وضوح أيضاً إنّ حسابات بيدرها تطابقت مع حسابات حقلها، ولذلك أوجدت عبارة «الرويّة الاستراتيجية» والتي ستفعّل من خلالها قرار المواجهة فقط في حال الاعتداء عليها، ضاربةً كل ما يُحكى عن اتفاقات سورية ـ خليجية أعطت من خلالها دمشق الضمانات بعدم المواجهة، فالمسلّح مواجه والحاضن مواجه و«العقلاني» أيضاً، يواجه.