باستثناء بعض المواقف المتصلة بالاستهداف الإسرائيلي للقنصلية الإيرانية في دمشق والدورية الاممية في جنوب لبنان، سيطر الجمود شبه التام على الحركة السياسية الداخلية، والمرشح للاستمرار الى ما بعد عطلة عيد الفطر، في حين تستمر المواجهات جنوبا وان بوتيرة اخف، على وقع التحاليل المستمرة حول نوع وهدف الرد الايراني، وضرب المواعيد لها، والجهات التي ستشارك فيها.
واضح ان اهداف تل ابيب من العملية مكشوفة وواضحة، حيث ثمة اندفاعة اسرائيلية مميتة لنقل الحرب الى خارج اراضيها، بعدما نجحت طهران طوال السنوات الماضية في بناء منظومة عسكرية سمحت بخوض المواجهة داخل الكيان، وهو ما لم يسبق ان حصل في تاريخ الصراع العربي – الاسرائيلي. من هنا كان القرار بالاقتصاص من القيادات التي ادارت وجهزت هذا المشروع وشاركت في تطوير قدرات الجماعات التي تنسق مع الحرس الثوري، عبر مده بالسلاح وتامين التدريب لكادراته، ودعمه حتى ماليا واقتصاديا، وفي هذا الاطار يكشف مصدر دبلوماسي في بيروت، ان اجتماع المزة جاء بعد اجتماع سبقه بايام ،عقد في طهران ضم القيادات نفسها المشاركة في اجتماع سوريا، بمشاركة قائد فيلق القدس اللواء قاآني، حيث تم الاتفاق على عقد اجتماع ثان في سوريا، وهو ما سمح لاسرائيل برصده والتحضير لضربه.
المصدر المطلع كشف ان الساحة اللبنانية لن تكون معنية بالرد الايراني، خلافا لكثير من التوقعات، وبالتالي فان جبهة بيروت، التي تحركها وتديرها حارة حريك، ستبقى متفرغة لنصرة غزة وتامين الاستنزاف المطلوب للقدرات العسكرية الاسرائيلية، رغم ان اهمية تلك النقطة قد تراجعت، مع تراجع العمليات العسكرية في القطاع، الا انها تبقى مهمة في حال نفذ رئيس الوزراء الاسرائيلي تهديداته باقتحام رفح.
ويتابع المصدر ان مجموعة من العوامل، الداخلية والخارجية، التي هي ابعد من الرغبة الايرانية نفسها، تحتم وتفرض على حزب الله بالبقاء خارج معادلة الرد، ابرزها:
– خارجيا، حيث ياخذ الحزب بعين الاعتبار،المفاوضات الاميركية-الايرانية، بشقيها المباشر وغير المباشر، التي لم تتوقف طوال الفترة الماضية، في اكثر من عاصمة عربية، من جهة، واقرار جبهة الممانعة بالتغيير اللاحق في توازنات المنطقة، منذ ما بعد عملية “طوفان الاقصى”، مع الدخول الاميركي العسكري المباشر الى الميدان، بعد الانكفاء الذي بدا مع ادارة الرئيس اوباما، من جهة ثانية، مع مراعاة رغبة طهران بابقاء الصراع محصورا بالجبهة الجنوبية، ضمن قواعد اللعبة السابقة، رغم كل المحاولات الاسرائيلية لكسرها.
يضاف الى هذين العاملين، الموقف الاميركي خاصة، والغربي عموما، حيث كان واضحا جدا من خلال رسائل التحذير والتهديد التي وصلت الى بيروت، في ظل الحرب الخفية القائمة ضد حارة حريك منذ قيام ثورة 17 تشرين الاول.
وفي هذا الاطار لا يمكن اغفال الموقف الروسي، الذي عطل اي امكانية للتحرك عبر جبهة الجولان، في ظل الاجراءات التي فرضتها القوات الروسية مباشرة، ما دفع بالحزب الى قصف مواقع اسرائيلية في تلك المنطقة من داخل الاراضي اللبنانية.
– داخليا: الريبة لدى حارة حريك، من حركة ومواقف بعض اطراف الداخل، وما رافقها من احداث على الارض تبعث على القلق، خصوصا داخل الشارع السني، حيث ثمة انقلاب واضح في مزاجه، وهو ما بينته ردود الفعل الغاضبة على وسائل التواصل الاجتماعي حول كلام اسماعيل هنية، يضاف الى ذلك العودة الملحوظة واللافتة لمناصري الجماعات الاسلامية، خصوصا شمالا، وهو ما دفع بوزير الداخلية الى الطلب من الاجهزة الامنية والعسكرية وضع خطة امنية في طرابلس والمباشرة بتنفيذها، ليزيد الطين بلة التوتر على الخط العوني – الشيعي، الذي يحاول رئيس مجلس النواب عبر حواره مع رئيس التيار الوطني الحر التخفيف من وطأته.