Site icon IMLebanon

الرقص على رؤوس الثعابين في لبنان

 

سقط الرئيس علي عبدالله صالح برصاص الحوثيين، حلفاؤه في مشروع الهيمنة ومصادرة السلطة في اليمن. الحليفان متّحدران من خلفيتين مختلفتين، تواجها في  جولات قتال عدة إلى أن جمعتهما الضرورة لمواجهة التحالف العربي الذي تقوده السعودية بامتداده المحلي. الاختلاف في الدوافع والأهداف النهائية للقتال لدى كلّ من الحليفين قاد التحالف نحو الإنهيار. ردّ فعل الحوثيين العنيف والحاسم على تصريح علي عبدالله صالح يؤكّد تراكم  انعدام الثقة وتضارب المصالح والإرتباطات، وربما وصول أحد الفريقين أو كليهما إلى اليقين بأنّ الفراق آت لا محالة. إنفجار الصراع بين الحليفين اللدودين وقتل عبدالله صالح هو إيذان ببدء مرحلة جديدة.

سقوط علي عبدالله صالح أسقط بكلّ وضوح عنوان الصراع على السلطة في الداخل لمصلحة صراع إقليمي عنوانه إعلان الحرب المفتوحة للسيطرة على اليمن. أسباب هذه الحرب ونضوج ظروفها يعبّر عنها ارتفاع وتيرة الحملة الدوليّة لوقف تمدّد النفوذ الإيراني، وتمدّد شبكة التوافقات السعودية لتشمل روسيا والولايات المتّحدة وفرنسا ونجاح المملكة في التّدخل في ملفات كانت حتى الأمس القريب إيرانية بامتياز. نجاح الرياض  في توحيد وفد المعارضة السورية وفي إنجاح الحوار بين الفصائل الفلسطينية تشير إلى انحسارات تقلق طهران.

الانفتاح الذي تقوده فرنسا  تحت عنوان الحفاظ على الإستقرار في المنطقة عبّر عنه الرئيس ماكرون بدعوته رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي إلى ضرورة النزع التدريجي للسلاح من قوات الحشد الشعبي وإلى حلّ كلّ الميليشيات، والإحتضان الدولي للبنان الذي تبديه عواصم غربية ولا سيّما باريس التي تستشعر هشاشة التوافق اللبناني بعد استقالة الرئيس الحريري وقرارها دعوة «مجموعة الدعم الدولية للبنان» لرفد الحكومة اللبنانية بالدعم السياسي والمالي، وإعطاء دفع للاستقرار اللبناني إلى جانب دعوة حزب الله الى عدم التّدخل في الصراعات الإقليمية لحماية لبنان من النار المشتعلة حوله، ودعوة إيران الى عدم زعزعة الوضع الإقليمي، كلّها مؤشرات الى إمعان المجتمع الدولي في الحدّ من التفرّد الإيراني بمستقبل المنطقة.

تبدو عملية قتل علي عبدالله صالح بداية مرحلة إسقاط المحظورات في كلّ ساحات الهيمنة الإيرانية. سقوط علي عبدالله صالح يسقط الغطاء السياسي عن الحوثيين ويلغي مفاعيل القرار الدولي 2216 ويجمّد مهمة المبعوث الدولي إلى اليمن إلى أجلّ غير مُسمّى، وبالتالي يستنسخ الحالة الليبية في اليمن بإطلاقه موجة عنف عارمة يختلط فيها الديني بالقبلي بالإقليمي. ويوجّه رسالة قوية إلى المجتمع الدولي الذي كان يقود وساطة دوليّة للوصول إلى حلّ سياسي في اليمن ودعم السلطة الشرعية.

الحكومة اللبنانية التي تجتمع اليوم لتبنّي بيان يؤكّد على خطوات عملية لالتزام لبنان إتّفاق الطائف والحفاظ على علاقاته مع الدول العربية والتزام النأي بالنفس،  بما لا يسمح بتكرار ما جرى بعد التوقيع على إعلان بعبدا، مدعوّة الى الخروج الجدّي من التوافقات اللفظيّة التي لم تؤدّي إلاّ الى التسليم بالأمر الواقع والى المزيد من افتقاد لبنان لمصداقيته ومسؤوليته العربية. جديّة الدول الخليجية تجاه لبنان بضرورة الخروج من المراهقة السياسية، عبّرت عنها تصاريح لمسؤولين خليجيين أكثر من مرة لا سيّما ولي العهد السعودي محمد بن سلمان  والوزير الجبير والتي ينبغي أن تؤخذ ليس في مضمونها، بل في ما ترمي إليه.

ما هو وقع المستجدات اليمنية على معادلة الاستقرار التي سيكفلها بيان التسوية الذي تزمع الحكومة إعلانه غداً؟ وما هي قدرة الخطوات العملية التي يريدها رئيس الحكومة لتأكيد النأي بالنفس إذا ما نجح الحوثيون في استثمار الوقت والسيطرة على صنعاء وعلى عدد من النقاط الحيوية في اليمن، وفي حال عدم قدرة القبائل اليمنية وما تبقى من تشكيلات عسكرية منظّمة من الإستمرار في الحرب بعد علي عبدالله صالح؟

وهل سنردّد  يوماً في لبنان ما قاله عبدالله صالح في حكم اليمن «إنّ حكم لبنان يشبه الرقص على رؤوس الثعابين»؟