Site icon IMLebanon

حقائق خطيرة تكشفها «الجمهورية» عن ذابح الجندي الشهيد عباس مدلج

 

لا يختلف إثنان على توصيف عمل جهاز الأمن العام، فقد أثبت في السنوات الاخيرة خصوصاً وبعد اشتداد معركة لبنان مع الإرهاب، حِرفيته وكفاءته في كشف الخلايا وتعقّبها، والانقضاض عليها لتصلح تسميته صمام الأمن والأمان العام للبنانيّين. العملية الأخيرة التي نفّذها منذ مدة والمتمثلة في إلقاء القبض على ذابح الجندي الشهيد عباس مدلج لم تكن يتيمة، فهي نتاج تحقيقات قام ويقوم بها الجهاز منذ خطف العسكريين، ومن المؤكد أنّ ما سيليها لن يكون أقلّ وقعاً في بلد حاولت التنظيمات الإرهابية استباحته وشرّعت له الخلافات السياسية الأبواب.

أعلن الأمن العام منذ أيام أنّ الإرهابي السوري شادي خالد جنيد، الملقب «أبو محمد»، والمنتمي الى تنظيم «داعش»، وقع في قبضته وهو خضع لتحقيقات دقيقة، وكشف عن معلومات خطيرة حصلت «الجمهورية» على بعض تفاصيلها:

جنيد من مواليد 15/2/1989، بدأ نشاطه العسكري والامني عام 2011 حيث شارك في المظاهرات ضد النظام السوري في منطقة بابا عمرو. وخلال منتصف نيسان من العام نفسه، التحق بمجموعة مسلحة في منطقة بابا عمرو وشارك في المعارك ضد الجيش السوري، ثمّ التحق بـ«كتائب الفاروق» في منطقة البويضة الشرقية وأقدم حينها على أسر عسكريَّين وأعدمهما شخصياً عبر إطلاق النار عليهما.

وفي أوائل نيسان من العام 2012 دخل جنيد خلسة الى منطقة مشاريع القاع واستحصل على قسيمة عودة مزوَّرة بواسطة أحد السوريين، ثمّ عاد بطريقة غير شرعية الى منطقة البويضة في ريف حمص وتابع نشاطه العسكري في صفوف «كتائب الفاروق».

وفي أواخر عام 2013 دخل بطريقة غير شرعية مجدّداً الى مشاريع القاع برفقة زوجته ومنها توجّه الى بلدة عرسال. تنقّل بين قارة وعرسال وعمل بصفة قيادي أمني وعسكري. واعترف أنه شارك في تفخيخ فيلا كان يتمركز فيها عددٌ من العسكريين السوريين، ما أدّى الى مقتل جميع العسكريين، حينها قيل إنّ الجيش السوري تلقى ضربة أمنية قاسية.

في بداية العام 2014 التحق جنيد في صفوف «جبهة النصرة»، وفي منتصف العام نفسه ترك «النصرة» وانتقل الى تنظيم «داعش» الذي اعلن إمارته في القلمون بسبب الحوافز المالية التي كان عناصر التنظيم يستحصلون عليها، ناهيك عن تفوّق التنظيم من النواحي العسكرية والقتالية، وعمل في صفوف هذا التنظيم بصفة قيادي عسكري في قسم الاقتحام والمؤازرة.

معركة عرسال الشهيرة

بتاريخ 2/8/2014 وعلى خلفية توقيف الجيش اللبناني للسوري عماد جمعة الملقب «ابو احمد» (قائد لواء فجر الاسلام)، وبناءً لقرار اتُخذ من قياديّي تنظيمَي «داعش» و«النصرة» بعد اجتماعهم في مسجد «ابو طاقية»، هاجمت مجموعات مسلحة تابعة لكلّ الفصائل في منطقة جرود عرسال والقلمون مراكز الجيش اللبناني المحيطة بالبلدة، وقد شارك الموقوف ضمن إحدى المجموعات في الهجوم مع نحو 65 عنصراً ينتمون للتنظيم، واقتحام حاجز الجيش اللبناني في وادي الحصن وأسروا نحو 20 عنصراً من عسكريّيه (16 «جبهة النصرة» و4 تنظيم «داعش»)، كما هاجمت المجموعة حاجز الجيش في وادي حميد وبعد اشتباكات عنيفة معه، تمت السيطرة على الحاجز وطريق وادي حميد وأسر 7 جنود لبنانيين جرى نقلهم تباعاً الى منطقة الملاهي فجرود ميرا.

وقد قتل خلال المعركة قائد المجموعة وعدد من العناصر. واعترف الموقوف بأنه اثناء المعركة قتل احد جنود الجيش اللبناني بالقرب من منزل آل نوح في منطقة وادي حميد، بثلاث طلقات نارية من بندقيته.

                                                                        

تفاصيل ذبح مدلج                                                      

خلال شهر أيلول 2014 حضر الموقوف بمفرده من عرسال الى وادي ميرا ودخل الى المقر بهدف تسجيل حضوره وقبض راتبه، وخلال وجوده داخل المقر، علم من بعض الموجودين من عناصر «داعش» أنّ الجندي عباس مدلج قد صدر قرارٌ بإعدامه وذلك على خلفية محاولته الافلات والتحرر من مكان احتجازه، وقد تبلغ الموقوف بأنه قد كلف شخصياً بتنفيذ عملية ذبح مدلج.

بعد وصوله بنحو الساعة ونصف الساعة الى المقرّ في وادي ميرا، عقد اجتماع جرى فيه توزيع الأدوار لتنفيذ عملية الذبح. وبعدها مباشرة توجّه الحضور الى المكان المقرّر لتنفيذ الإعدام. وبعد تلاوة بيان الإعدام، أقدم الموقوف على ذبح الجندي مدلج.

ليغادر بعدها الى المقرّ لإزالة آثار الدماء عن يديه وقدمه اليمنى وعن السكين التي استخدمها في عملية الذبح، فيما بقي المذكورون أعلاه جميعاً في موقع الجريمة، وقد علم منهم لاحقاً بأنه تمّ دفن جثة مدلج في مكان قريب من مكان الجريمة.

ويقول الإرهابي جنيد إنّ سبب إعدام الجنديين علي السيد ومدلج يعود لإقدامهما على قتل ثمانية عناصر من «داعش» خلال الاشتباكات التي وقعت لدى محاولة عناصر التنظيم اقتحامَ مراكز الجيش، ولكونهما قد رفضا تسليم نفسيهما، إلّا بعد نفاذ ذخيرتهما، على الرغم من طلب عناصر «داعش» منهما ذلك.

تفجير المحكمة الشرعية

بداية العام 2015، تلقى الموقوف أمراً من المحكمة الشرعية لـ«داعش» في عرسال لاستهداف محكمة شرعية تابعة لـ«جبهة النصرة»، وعلى أثر ذلك، أقدم مع آخرين على وصل رمانتين يدويتين بباب مخزن في وادي عطا والذي كان يُستخدم بمثابة محكمة شرعية لـ«جبهة النصرة»، وفي اليوم التالي ولدى قيام أحد عناصر الجبهة بفتح باب المخزن، انفجرت الرمانتان وأدتا الى وقوع أضرار مادية جسيمة وإصابة عدد من عناصر الجبهة.

استهداف دورية للجيش

في تاريخ 5/11/2015 وقرابة الساعة الأولى، استهدف مكتب هيئة علماء القلمون التابع لـ«جبهة النصرة» بتفجير عبوة ناسفة بواسطة دراجة نارية مفخخة وقد أمّن الموقوف الدراجة وفخّخها.

وفي التاريخ نفسه، وقرابة الساعة 23.00، اقدم بالاشتراك مع عدد من السوريين على زرع عبوة ناسفة بجانب الطريق في منطقة الجمالة مقابل مخيم الملعب في محلة رأس السرج في عرسال، لاستهداف دوريات الجيش اللبناني.

وفي اليوم التالي أي بتاريخ 6/11/2015، ولدى مرور دورية تابعة للجيش اللبناني قوامها عدد من الآليات، اقدم احد عناصر «داعش» الموجود قرب مكان زرع العبوة على تفجيرها، ما أدّى الى إعطاب ملالة وإصابة خمسة عناصر من الجيش بجروح مختلفة، وقد تقاضى الموقوف مكافأة مالية لقاء ذلك.

إغتيال المؤهل عز الدين

خلال شهر كانون الثاني 2016، تلقى جنيد أمراً صادراً عن محكمة «داعش» الشرعية في عرسال بموجب كتاب خطي يتضمّن فتوى بقتل «الخائن المؤهل عز الدين»، وللغاية المشار اليها باشر لمدة اسبوع كامل برصد ومراقبة تحركات المؤهل في بلدة عرسال وقد نُفذت عملية اغتياله بواسطة 3 مجموعات مقسمة على الشكل الآتي:

1 – مجموعة المراقبة: تولّى الموقوف عملية مراقبة ورصد المؤهل عز الدين.

2 – مجموعة الحماية والتغطية.

3 – مجموعة الاغتيال

وبتاريخ 8/1/2016، قرابة الساعة 17.00 نفذت المجموعة الثالثة عملية اغتيال المؤهل في فرع المعلومات زاهر عز الدين داخل بلدة عرسال، وذلك بإطلاق النار عليه من أسلحة حربية اثناء وجوده مع عائلته في سيارته، ما أدّى الى مقتله وإصابة زوجته بطلق ناري، وقد تقدم الموقوف نحو السيارة المستهدَفة وتأكد بنفسه من وفاة عز الدين، وغادر بعدها المكان في اتجاه مقر «داعش» في وادي أرنب، وتقاضى مكافأة مالية لقاء ذلك.

التخطيط لخطف عناصر من الجيش

بداية شهر شباط 2016، تلقى الموقوف أمراً من محكمة «داعش» الشرعية في عرسال يقتضي تنفيذ عملية امنية تقضي بافتعال معركة مع الجيش اللبناني بهدف خطف عسكريين من حاجز عين الشعب – مدخل عرسال الغربي، والتفاوض عليهم واقفال الطرق التي تستفيد منها «جبهة النصرة» في تأمين المواد الإغاثية.

وللغاية المُشار اليها، استطلع الموقوف ورصَد الحاجز المُشار اليه بمساعدة عدد من السوريين. وكان المخطط يقضي بأسر 3 عناصر من الجيش اللبناني على حاجز عين الشعب.

إذاً أوردنا بعض اعترافات الموقوف التي أعادت بنا الذاكرة الى أيام سوداء لا يزال حزنها يلفح حاضرنا، مع استمرار خطف العسكريين لدى تنظيم «داعش»، ومع هواجس تسكننا في كلّ مرة نكتشف فيها ماذا اقترفت أيدي هؤلاء الإرهابيين وبعد…

الأمن العام أراح روح الشهيد مدلج في مثواه، بانتظار أن تستريح روح الوطن بعد التخلص نهائياً من أصحاب الرايات السود وهم يخططون يومياً للتسلّل لأمننا والإطاحة باستقرارنا.

أخيراً، تجدر الإشارة الى أنّ ذابح مدلج كان حتى لحظة توقيفه يقيم في عرسال مع زوجته إخلاص في وادي الحصن في مخيم وفاء العماني…