عندما خضع المسؤولون في العام 1973 للضغوط العربية، وتركوا التنظيمات الفلسطينية المسلحة تتمدد داخل المدن والبلدات اللبنانية، وترعب المدنيين و«تتشاوف» على العسكريين من جيش وقوى امن، وتخطف وتضرب وتحتل وتعذب وتقتل، ايقن المسيحيون ان وجودهم اصبح في خطر، فدقوا النفير، وتشلكت الجبهة اللبنانية، من جميع الاحزاب والشخصيات، وبدأت المقاومة اللبنانية ضد الوجود الفلسطيني المسلح. وتدرجت قوة وتنظيما وعدداً، حتى اصبح عديدها في بداية سنة 1982 حوالى 20 الف مقاتل.
الاسترجاع السريع لتلك الفترة من تاريخ لبنان وتاريخ المسيحيين، هدفه تنبيه المسيحيين اليوم الى ان الامور تندفع منذ بدء استحقاق انتخاب رئيس جديد للجمهورية، باتجاه مواجهة مع الشريك في الوطن، قد تبدأ سياسية، ولكن لا احد يعرف كيف تنتهي، ما يتطلب توحيد كلمة المسيحيين، والبحث جماعة، وليس افرقاء، في السبل المتاحة لتحقيق المطالب المشروعة والمحقة، واسترداد ما اخذ من حقوقهم قسراً وظلماً اثناء الوصاية السورية، وما هو مستمر على يد الشريك في الوطن، ما بعد الانسحاب السوري، بجميع الطرق السلمية المشروعة، بما فيها اللجوء الى القضاء الدستوري المعني الاول والاخير بتفسير الدستور والقوانين التي نظمت صيغة العيش المشترك بين اللبنانيين وفي مقدمها مفوم «الميثاقية والمشاركة».
ان تلافي اللجوء الى خطوات قد توصل الى العنف، لسبب او لآخر، يجب الا يعتبر انه موقف ضعف، بل هو موقف وطني مسؤول، محصن بالحق، وفي حال حكم على مكون من المكونات الاساسية لهذا الوطن، باللجوء الى العنف، بعد استنفاد كل الوسائل السلمية، امامه عندها حل من ثلاثة، اما السكوت على حقه، واما الهجرة، واما الدفاع عن الوجود باجماع الكل.
***
التيار الوطني الحر، يتحضر، وفق قيادته ووزرائه ونوابه، الى تحرك تصعيدي في 13 تشرين اول المقبل، ان لم تسترد «حقوق مسيحية» مهدورة، وان لم تتحقق الميثاقية والمشاركة في استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية وفي قانون جديد للانتخابات، وواضح ان حليفه حزب القوات اللبنانية يوافقه في هذه المطالب، لكنه يحرص على تجنب الشارع وعلى الالتزام بالعقلنة والاستقرار، حسب موقف اعلنه نائب رئيس حزب القوات اللبنانية، النائب جورج عدوان، الذي كشف ان الحزب يعمل على خطة متكاملة تؤدي الى قانون انتخاب جديد يمكن ان يبصر النور في الدورة العادية لمجلس النواب التي تبدأ في الخامس من الشهر المقبل، واذا لم يتم انتخاب رئيس للجمهورية قبل هذا الموعد، يمكن ان تجري انتخابات نيابية وفق هذا القانون، والمجلس النيابي المنتخب على اساسه، ينتخب رئيساً للجمهورية.
اذا كان حزب التيار الوطني الحر، في اجواء هذه الخطة، او لم يكن، فهو وحزب القوات اللبنانية مدعوان الى مشاركة الاحزاب والشخصيات المسيحية الاخرى، في هذه الفترة الصعبة التي يمر فيها اللبنانيون عموماً والمسيحيون خصوصاً، وعدم التفرد بالقرار، سلبا كان او ايجاباً، طبعا مع اعطاء التفاهم وطنياً فرصة كبيرة، ولكن دون التنازل عن الثوابت والحقوق والمسلمات.
في المناسبة، وفي اشارة الى آخر تحركات بورصة استحقاق انتخاب رئيس للجمهورية، وبعد الاطلاع على اجواء عين التينة وما صدر عن الرئيس نبيه بري، يمكن الاستنتاج بان بري يعلي سقف مطالبه مقابل انتخاب العماد ميشال عون رئيساً في جلسة الثامن والعشرين من هذا الشهر او في شهر تشرين الاول المقبل.