تبدو الانتخابات البلدية في المنية ــ الضنية، لتيار «المستقبل»، كالسهل الممتنع. فهو رغم فوزه بمقاعده النيابية في فورة الخطاب التحريضي والمال الانتخابي، تلقى في هذا القضاء، في الانتخابات البلدية السابقة، خسائر بالجملة يحاول جاهداً هذه الأيام تعويضها
تُعَدّ الانتخابات البلدية الحالية، في قضاء المنية ــ الضنية، امتحاناً صعباً لتيار المستقبل الذي سيحاول جاهداً تحقيق نتائج تسمح له بالادعاء أن القضاء لا يزال تحت عباءته، رغم تلقيه ضربات عدّة في انتخابات 2010، وانتخابات اتحاد بلديات الضنية، وفي الانتخابات النيابية الفرعية التي جرت عام 2011 بعد وفاة النائب هاشم علم الدين.
لكن مهمة التيار لا تبدو سهلة مع توقف حنفية المساعدات، ومع اصطدامه برفض العائلات لتدخله في الانتخابات، علماً أن تدخله في استحقاق 2010 انعكس سلباً، وبقسوة، على مرشحيه.
لذلك، يغلب العائلي والعشائري على أجواء الانتخابات البلدية في القضاء، مع استثناءات قليلة يختلط فيها السياسي بالعائلي. فمن أصل 34 بلدية في القضاء، يُسجل العامل السياسي حضوراً في 7 بلديات على الأكثر، فيما تغرق البلديات الأخرى في تفاصيل العائلات والأفخاذ والفروع، مسبّبةً انشقاقات وانبعاث خلافات يعود بعضها إلى استحقاقات سابقة.
بلدة سير، العاصمة الإدارية للقضاء صيفاً، تشهد واحدة من أشد المواجهات الانتخابية حدّة. ففيها سيحاول النائب أحمد فتفت ردّ اعتباره بعد الهزيمة التي أنزلها به الرئيس الحالي للبلدية أحمد علم عندما فازت لائحته كاملة، في 2010، ما شكّل أكبر نكسة لتيار المستقبل في منطقة يعتبرها قلعة حصينة له.
امتحان صعب للتيار الأزرق بعد تلقيه ضربات موجعة في 2010
وفي بلدة بخعون، كبرى بلدات الضنية، التي زاد عدد أعضاء بلديتها هذا العام إلى 18 عضواً، يخوض النائب السابق جهاد الصمد انتخابات في مواجهة خصوم، أبرزهم النائب قاسم عبد العزيز ومنسق تيار المستقبل في الضنية هيثم الصمد وآخرون. ولا يتوقع أن تسفر الانتخابات عن نتائج مغايرة للاستحقاقات السابقة التي حصدت فيها لائحة الصمد، المستندة في توزيع أعضائها إلى عرف تتمثل فيه أغلب عائلات البلدة، ما لا يقل عن ثلثي أصوات ناخبي بخعون الذين يشكلون نواة قاعدته العريضة في المنطقة.
وفي أعالي جرد الضنية، تشهد بلدة السفيرة، ثاني أكبر بلدة في المنطقة، انتخابات من نوع مختلف. إذ سيحاول النائب السابق أسعد هرموش تثبيت حضوره في بلدته، بعد انتخابه رئيساً للمكتب السياسي للجماعة الإسلامية، برعايته تشكيل لائحة توافقية تضم مختلف عائلات البلدة، في مواجهة نسيبه رئيس البلدية السابق. وستكون انتخابات السفيرة مؤشراً على مدى التحالف الانتخابي الأخير بين تيار المستقبل، الذي له حضوره في البلدة، والجماعة.
ولا يبدو «المستقبل» محرجاً في الضنية مع الجماعة الإسلامية فقط، إذ يواجه حرجاً مماثلاً في بلدة كفرحبو مع تيار المردة، لمعرفة إن كانت الأقلية السنية في البلدة ستصوت إلى جانب مرشحي المردة في مواجهة تحالف التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية في بلدة يشكل المسيحيون فيها أكثرية، وهو تحالف يخضع بدوره لاختبار للتأكد من مدى ثباته في القرى والبلدات ذات الغالبية المسيحية، وأبرزها حقل العزيمة.
ورغم أن دير نبوح تعدّ من البلدات الصغيرة في الضنية (9 أعضاء)، فإن رئيسها محمد سعدية يخوض انتخابات مزدوجة، الأولى تتعلق بإعادة انتخابه، والثانية باتحاد بلديات الضنية الذي يرأسه منذ تأسيسه أواخر عام 2004.
ولا تغيب القوى السياسية الطرابلسية عن الانتخابات البلدية في الضنية، وأبرزها الوزير السابق فيصل كرامي الذي ورث نفوذاً تاريخياً لآل كرامي في المنطقة، وتحديداً بقاعصفرين حيث مصيفهم الرئيسي، إلى جانب الرئيس نجيب ميقاتي الذي بدأ يمدّ نفوذه إلى المنطقة أخيراً، والذي يعتبر سعدية أحد أبرز رؤساء البلديات المقربين منه.