جلّ ما طلبه رئيس الحكومة المكلف حسان دياب من رؤساء الحكومات السابقين إعطاءه “فرصة لتجاوز الألغام”. ما كاد ينطلق في مسيرته الحكومية مكلفاً حتى انطلقت مسيرة الحرب عليه مرة بميثاقية التكليف، وثانية بالفساد وعدم القدرة على الانجاز. غير أن دياب، وحسب الواضح من تصريحاته، فإنه يعرف ضمناً ما ينتظره، ويبدو وكأنه تلمس مسيرته من عنوانها ومستعد لإثبات جدارته وحسن نواياه، وهو منذ تكليفه لم يتوقف عن بث التطمينات.
تطبيقاً للعرف استبق رئيس الحكومة المكلف استشاراته النيابية المقررة اليوم، بجولة بروتوكولية على رؤساء الحكومات السابقين. لم تشمل الزيارة رئيس الحكومة السابق نجيب ميقاتي الموجود خارج البلاد. لكن اسلوب استقبال رئيس الحكومة العتيدة أشار بوجود “نقزة” من المرجعيات السنية للطريقة التي كلف من خلالها.
يسجل أن أياً من رؤساء الحكومات لم يستقبل الرئيس المكلف بالحرارة المعهودة التي درج على الاستقبال فيها، بهدوء بدأت زياراته وبهدوء انتهت من دون أن يصرّح أي من الرؤساء ممن استقبلوه داعماً أو مشجعاً على التكليف، وهذا لم يحصل في تاريخ التكليف الحكومي. كانت الصور التي التقطتها عدسات الكاميرا للجولة كفيلة بأن تفصح عما أحجم الرؤساء عن قوله علانية. يمكن أن يفسر ما حصل على أنه رسالة اعتراضية على طريقة تكليف دياب، لكن الرؤساء السابقين ولمجرد انهم استقبلوا الرئيس المكلف فهذه “اشارة ايجابية على نيتهم على اعطائه فرصة كي يباشر عمله”.
وحده دياب حرص على إعلان أن “الاجواء إيجابية مع الجميع”، مؤكداً توجهه أن الحكومة “ستكون من إختصاصيين مستقلين لنخدم البلد ونحل المشكلات”.
بيت الوسط
من بيت الوسط استهل الرئيس المكلف جولاته، حيث التقى رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري الذي بدا وفق مصادر مطلعة “إيجابياً ومتعاوناً”. وبعد اللقاء الذي كانت له “نكهة مميزة”، نقل دياب عن الحريري “حرصه على البلد والاستقرار، وهذه المواقف تعبر عن موقف رجل دولة، وان شاء الله سيكون هناك تواصل وتعاون مستمر لما فيه خير للبلد”. وبعد لقائه الرئيس سليم الحص تمنى دياب “إعطاءنا فرصة لتأليف حكومة استثنائية لتعالج المشاكل وأنا أؤمن بفريق عمل واحد بغض النظر عن التوجهات”.
وخلال استقباله الرئيس المكلف حرص الرئيس فؤاد السنيورة “على استعراض كل المخاطر المطروحة على الساحة الداخلية من الناحية الاقتصادية والدستورية والأمنية”، محذراً من “محاذير الخرق الدستوري الذي حصل” ليعلن دياب بعد اللقاء عن التحضير “للقاءات عديدة مع من يمثل القيادات في الحراك الشعبي، وهكذا يكون التنسيق ليس فقط مع الكتل النيابية بل مع الحراك أيضاً”. وأضاف: “وجودي في سدة رئاسة الحكومة دستوري وما عدا ذلك فإنّ الألغام سنتعداها إن شاء الله”.
كذلك زار الرئيس تمام سلام معلناً “التأسيس لفريق عمل جديد، ويجب الإسراع في التكليف لحل الأزمة الراهنة”.
وفي حين لم يلتق دياب ميقاتي بسبب وجوده خارج البلاد، كانت ملفتة خطبة الجمعة للشيخ محمود عكاوي المحسوب على ميقاتي والتي ألقاها من المسجد الكبير في وسط بيروت، فهو اعترض فيها على تكليف دياب الذي “ليس له غطاء سني”، متسائلاً عن “دور دار الفتوى من هذا التشرذم في الطائفة السنية التي أصبحت مكشوفة لا ظهر يحميها”.
دار الفتوى
وإذا كان العرف لا يقضي بزيارة رئيس الحكومة المكلف دار الفتوى فإن الأنظار توجهت نحو الدار واحتمال زيارته مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان طلباً للغطاء السني، خصوصاً أن الأخير دخل ملف التكليف من بابه العريض يوم أعلن دعمه للرئيس سعد الحريري.
وإذ أعلن الرئيس المكلف عزمه زيارة دار الفتوى بعد انتهاء الجولة معتبراً أن “دار الفتوى هي دار الجميع”، علمت “نداء الوطن” أن دياب طلب موعداً لزيارة المفتي دريان غير أن مصادر إسلامية مطلعة قالت رداً على سؤال عما إذا كان الموعد قد حدد: “في الوقت الحاضر الأجواء العامة قد لا تكون مهيأة لاستقبال الرئيس المكلف في دار الفتوى”. وعما إذا كان استقبال الحريري له يعد مشجعاً لاستقباله في دار الفتوى، أجابت المصادر: “الحريري استقبله كرئيس حكومة سابق وضمن زيارات بروتوكولية فيما الوضع مع المفتي مختلف”، مرجحةً أن “تتم الزيارة حين تنضج ظروفها أو حين يتمكن الرئيس المكلف من تقديم تشكيلته الحكومية”.