IMLebanon

مشهد قاتم حول الإستحقاق الرئاسي والحكومة باتت أقرب إلى الموت السريري

المسؤولون في لبنان وُضعوا في صورة استحالة سلخ لبنان عن أزمات المنطقة

مشهد قاتم حول الإستحقاق الرئاسي والحكومة باتت أقرب إلى الموت السريري

حواراً عين التينة يبقيان بقعة الضوء لضبط الإيقاع السياسي وعدم الإنفلات الأمني

المُتابع لمسار الأحداث والتطورات إن في الداخل أو الخارج يُسارع إلى رسم صورة قاتمة للوضع اللبناني من مختلف نواحيه، فالطريق إلى قصر بعبدا مليئة بالأشواك والغُبار غطّى كرسي الرئاسة، والمجلس النيابي مُصاب بداء الشلل، والحكومة على حدّ تعبير الرئيس نبيه برّي محروقة، والوضع الإقتصادي والإجتماعي حدِّث ولا حرج، والرياح الساخنة في المحيط تلفح لبنان، ولا يوجد في الأفق أي مُعطى يُشجّع على الأمل في إمكانية حدوث متغيّرات جدّية على كل هذه المحاور، بما يُعطي إنطباعاً بأننا مُقبلون على مرحلة دقيقة وخطرة، سيّما وأن هناك خوفاً من أن تتحوّل الحرب الباردة المندلعة بين أكبر قطبين في العالم الولايات المتحدة وروسيا إلى حرب ملتهبة على خلفية الصراع الحاصل في الشرق الأوسط.

من السذاجة القول بأن هناك إمكانية لملء الفراغ الرئاسي في لبنان، أقلّه هذا العام أو في الربع الأول من العام المقبل، وهذه الثابتة باتت معروفةً ومُسلَّماً بها من جميع المعنيين في الداخل اللبناني وعلى المستوى الإقليمي والدولي، باعتبار أنه أُبلغ من أُبلغ من المسؤولين اللبنانيين مباشرة أو عبر قنوات دبلوماسية من قِبَل دول القرار بأن هذا الاستحقاق قد وُضع على الرف بانتظار جلاء المشهد الإقليمي وعلى وجه الخصوص الوضع في سوريا وأنه بات من المستحيل سلخ الأزمة في لبنان عن أزمات المنطقة وبالتالي فما على اللبنانيين إلا التعايش مع هذا الواقع والعمل على الحدّ من أي خسائر محتملة نتيجة اللااستقرار السياسي والتردّي الاقتصادي وهشاشة الوضع الأمني الذي إلى الآن ما زال محاطاً بسياج إقليمي – دولي يحول دون انفلاته من عقاله.

ووفق مصادر مطّلعة فإن المسؤولين اللبنانيين باتوا في هذه الصورة، حتى أن الفاتيكان التي حاولت الدخول على خط معالجة الملف الرئاسي باتت في هذا الجو بعد مروحة من الاتصالات التي أجراها بعض المسؤولين في روما مع مسؤولين لبنانيين وغير لبنانيين حيث خرجوا بانطباعات مفادها أن مقاربة الأزمة الرئاسية في لبنان باتت كمن يحفر الصخر بإبرة، وأن هناك استحالة من إتمام هذا الاستحقاق بمعزل عن تسوية كبرى تحصل في المنطقة برمّتها.

وتتساءل المصادر كيف يمكن للقيادات السياسية في لبنان العبور في اتجاه انتخاب رئيس جديد للبنان في هذه المرحلة، وهم قاصرون عن حل أزمة النفايات التي باتت تهدّد بيئة وصحة اللبنانيين، أضف إلى ذلك عدم التفاهم على أي ملف إن كان صغيراً أم كبيراً.

وترى هذه المصادر أن تبادل الاتهامات في التعطيل لم يعد يفيد أي فريق، فالحكومة أصبحت في خبر كان فهي باتت معطّلة بالكامل سيّما وأن العماد ميشال عون سيكون له ردة فعل على عدم التجاوب مع ترقية العميد شامل روكز تتمثل في مقاطعة العمل الحكومي وهذا يعني أن الحكومة بالتأكيد أصبحت في موت سريري، وأن إنعاشها دونه صعوبات في ظل هذا الوضع السياسي المشحون.

وحيال هذا الواقع السياسي المأزوم والمقفل أمام أية حلول قريبة، فإن حواري عين التينة الثنائي والموسّع يبقيان بقعة الضوء التي يعوّل عليها في سبيل إبقاء الوضع الداخلي مضبوط الإيقاع سياسياً، وتحت السيطرة أمنياً، وإن كان من غير المأمول أن يحققا نتائج على مستوى جدول أعمالهما قبل انقشاع الرؤية على المستوى الإقليمي والدولي.

وبالرغم من الصعوبات التي تواجه هذين الحوارين بأن راعيهما المشمئز من الوضع السياسي الذي وصفه من رومانيا بأنه سيّئ، مطمئن البال كونه يعرف تماماً بأن ما من فريق سياسي بإمكانه الخربطة على هذا الحوار كونه لا يحقق أي هدف، إلى جانب تلقيه جرعات دعم قوية من أكثر من طرف إقليمي ودولي للمضي في هذا الحوار، الذي سيستأنفه في عين التينة بعد أن تلقى أجوبة مكتوبة من أقطاب هذا الحوار حول مواصفاتهم للرئيس المقبل للجمهورية بعد ان سمع مواصفات كانت أقرب إلى مواصفات رئيس في دولة افلاطونية، وكأن هؤلاء الأقطاب انطلقوا في مواصفاتهم على قاعدة «من يريد ان لا يزوج ابنته يرفع لها مهرها».

ومن غير المتوقع ان ينسحب أي تصعيد للجنرال ميشال عون على المستوى السياسي على الحوار، باعتبار ان مقاطعته للحوار يعني إطلاق الرصاص على رأسه، سيما وأن الرئيس برّي كان قد أعلن ان لا حوار بغياب العماد عون، وهذا الأمر بالتأكيد لا يتحمله لا الجنرال عون ولا غيره في هذه المرحلة الخطرة التي تتطلب الكثير من الحذر من الدعسات الناقصة لأنها ستكون مكلفة على الجميع، وانطلاقاً من هذا الفهم فإن تكتل «التغيير والاصلاح» سارع إلى التأكيد أمس بأن نوابه سيحضرون الجلسة المقررة في جلسة مجلس النواب الثلاثاء المقبل والتي ستخصص لانتخاب رؤساء وتقرير اللجان وهيئة مكتب المجلس، في دلالة واضحة على ان العماد عون لم يأخذ خيار المقاطعة بالجملة احتجاجاً على وضع معين، بل انه على ما يبدو يريد التعامل مع كل موضوع على حدة مما يُبقي على الأبواب مفتوحة على الأخذ والرد والحؤول دون الدخول في أزمة سياسية فعلية ومفتوحة.

حسين زلغوط