ماذا ينفع اللبناني لو كانت لديه أفضل استراتيجيات العالم، في السياسة، وليس لديه التيار الكهربائي؟
منذ ما قبل نهاية السنة، وحتى اليوم، بدأ الأسبوع الثاني على المأساة المهزلة: إحدى شركات مقدمي الخدمات الكهربائية في لبنان، توقفت عن تقديم الخدمات.
العاملون فيها لم ينالوا تعويضاتهم، بدل أن يتوجَّهوا إلى تلك الشركة لنيل حقوقهم، توجَّهوا إلى الضغط على مؤسسة كهرباء لبنان، لأنَّهم كانوا يعملون فيها بصفة مياومين، علَّها تعطيهم حقوقهم أو تُحصِّل لهم حقوقهم. مؤسسة كهرباء لبنان عاجزة عن القيام بهذا الدور، لأنَّ العمال لم يعودوا تحت وصايتها.
جانب ثانٍ من الأزمة، أنَّ موظفي مؤسسة كهرباء لبنان لم ينالوا الزيادات كما نالها موظفو القطاع العام، لأنَّ مؤسسة كهرباء لبنان هي مؤسسة عامة، فطالبوا بما حصل عليه موظفو القطاع العام.
هكذا، بين مشكلة إحدى شركات مقدمي الخدمات مع عمالها، ومشكلة مؤسسة كهرباء لبنان مع موظفيها، يدفع المواطن الثمن، وهو ثمن متفاوت بحسب المنطقة:
فالمناطق التي كانت تؤمِّن الخدمات فيها الشركة التي توقفت عن العمل، تعاني استفحال الأعطال من دون إصلاحها، وبعض المناطق ما زالت من أسبوع إلى اليوم من دون كهرباء.
موظفو وعمال مؤسسة كهرباء لبنان لا يقومون بالأعمال المطلوبة منهم، كتفريغ الفيول من البواخر إلى معامل التوليد، وهذه عينة مما يتسبب به تعطل العمل.
استهتار ما بعده استهتار، ولا مبالاة ما بعدها لامبالاة.
في نهاية العقد الثاني من القرن الحادي والعشرين، وعلى عتبة العقد الثالث من هذا القرن، لبنان يعاني أزمة كهرباء.
منذ أكثر من نصف قرن، كان لبنان يبيع الكهرباء لسوريا.
اليوم، أصحاب المولدات يبيعون الكهرباء للبنان.
هل تريدون قهراً أكثر من هذا؟
وقد ينبري قائلٌ للقول:
إنَّ لبنان شهد حروباً… لكن مهلاً، الحروب انتهت منذ ثمانية وعشرين عاماً، فكفى التذرع بها.
إنَّ ما يجري يستدعي الأجهزة التالية:
النيابة العامة المالية.
التفتيش المركزي.
ديوان المحاسبة.
وليتم استدعاء من يجب استدعاؤهم من دون أن تكون هناك خيمة فوق رأس أحد، لأنه لا يجوز أن يبلغ وضع الكهرباء هذا المستوى المزري، من دون أن يكون هناك مسؤول واحد عن هذا الوضع.
لقد ملَّ الشعب إلا من طموحه للتيار الكهربائي، فهل هذا الطموح مستحيل؟