Site icon IMLebanon

معطيات عن تفصيل روسي – أميركي لحل سوري أي مترتبات على صيغة الاستحقاقات اللبنانية؟

تملك غالبية البعثات الديبلوماسية المعتمدة في لبنان، إن لم يكن جميعها، معطيات لا تفصح عنها، لكنها تجعلها تثق بأن الولايات المتحدة وروسيا هما في طور تفصيل الحل لسوريا، ولو ان الدول الإقليمية لا تزال بعيدة بعض الشيء عن الصفحة نفسها التي يعمل عليها الاميركيون والروس، نتيجة للتباعد بين هذه الدول من جهة وتضارب المصالح في ما بينها من جهة أخرى، الأمر الذي يخشى معه أن يستمر ذلك منعكسا على لبنان في المدى المنظور، من دون أي إمكان لتحريك الأمور، أولا ارتباطا برغبة بعض الأفرقاء في محاولة تبين مآل الحل في سوريا من أجل أن يبنى على الشيء مقتضاه، وثانيا لأن لبنان لا يحتل من الاهتمام أكثر مما يحظى به على صعيد بعض الملفات، الأمر الذي يجعل كل الأفرقاء اللبنانيين من دون استثناء لا يملكون صورة واضحة عن تواريخ محددة يمكن أن تصل فيها الأزمة الداخلية الى خواتيمها، وذلك في الوقت الذي يشكل اجتماع للحكومة الاسرائيلية برئاسة بنيامين نتنياهو في الجولان المحتل رسالة الى محاولة اسرائيل حفظ موقعها وشروطها بالنسبة الى الحل السوري، بمعزل عن استحالة تسييل إعلانه عدم إعادة الجولان الى سوريا والاحتفاظ به، فيما لا يملك لبنان هذا الترف، ويكتفي بالسعي الى درء مخاطر المزيد من انعكاسات الحرب السورية عليه. إلا أن ذلك لا ينفي السؤال انه اذا كان من حل سوري جدي يتم العمل عليه ولا يزال الوضع في لبنان رهنا به، فانه من المهم محاولة استشراف كيفية تأثير طبيعة الحل في سوريا على لبنان، خصوصا ان استحقاقاته الدستورية باتت تربط ربطا وثيقا بهذا الحل. بعض المراقبين يعتقدون أنه كيفما كان الحل في سوريا فإنه سيتحتم أن ينعكس إيجابا على لبنان، لأنه سيوقف التداعيات السلبية الخطيرة التي اصابته حتى الآن في الدرجة الاولى مع شبه اطمئنان الى أن أي صيغة تسوية ستماثل الصيغة اللبنانية الى حد بعيد من حيث محاولة جمع كل الطوائف والمذاهب واشراكها في السلطة. وفي هذا الاعتقاد بعض التبسيط الذي يندرج في اطار العناوين من دون الخوض في التفاصيل التي تكمن فيها كل المتغيرات المحتملة. الا انه من ضمن العناوين فقط لا يتوقع اي تغيير في صيغ الحلول للازمة في لبنان. إذ تقول هذه المصادر انه بات يخشى ان يكون الفصل بين الانتخابات الرئاسية وملفات أخرى تواكب الاتفاق عليها، صعبا جدا انطلاقا من ان الامر لن يكون مرتبطا بشخص الرئيس فحسب، بل بجملة ضمانات تعيد التذكير على الاقل بالاتفاق الذي تم التوصل اليه في الدوحة عام 2008 ومحاولة البناء على نتائج الحل في سوريا. وتبعا لذلك، عاد الى الواجهة السياسية بقوة الكلام على السلة المتكاملة لأي اتفاق بين القوى السياسية على انتخاب رئيس للجمهورية على رغم ان هذه النقطة اي السلة المتكاملة أخذت أبعادها في مراحل أزمة الشغور الرئاسي المستمرة منذ سنتين، فيما شهدت بعض المراحل ومن دون اي نجاح يذكر محاولة لفصل الانتخابات عن السلة التي من المتعارف عليه انها تشمل قانون الانتخاب كما طبيعة الحكومة المقبلة وحتى البيان الوزاري الى جانب الاتفاق على شخص الرئيس المقبل للجمهورية.

هذه المعطيات كانت في خلفية الموقف الفرنسي عشية زيارة الرئيس فرنسوا هولاند انطلاقا من ارتباطها في أذهان البعض بأن الرئيس الفرنسي قد يحمل في جعبته، إما تصورا محتملا يمكن أن يبنى عليه للمرحلة اللاحقة، او انه سيحمل معه في نهاية زيارته، بما يمكنه من العمل على أفكار محددة مع دول اقليمية واخرى دولية، بحيث يؤدي لاحقا الى نتيجة ما. وتاليا ليس صحيحا في الوقت نفسه ان جهودا لا تبذل في موضوع الرئاسة، بل ان هناك اتصالات ومساعي بعيدا من الاضواء في الغالب، او لا يتم التركيز عليها من اجل محاولة انهاء الازمة السياسية في لبنان، لعلها تثمر او تنضج في مكان ما او تلاقي ظروفا او لحظة مناسبة تسمح بالتقاط الفرصة لانجاز تسوية بما لهذه الكلمة من معنى. فالتسوية ليست مجرد اتفاق بل تعني أن ثمة تنازلات يتعين ان يقدمها كل الأفرقاء من أجل الوصول الى نتائج او الى اتفاق، ولا يمكن الازمة الحالية ان تنتهي من دون الاقتناع بذلك من الجميع، بحيث يشعر الجميع ايضا بأنه كسب جزءا مما يسعى اليه وليس كل ما يسعى اليه، في حين انه بات مسلما به لدى الجميع بأن “حزب الله” هو من يعرقل الوصول الى انتخابات حتى من جانب حلفائه. إذ إن عرقلة الانتخابات في نهاية عهد الرئيس إميل لحود كانت مطية للحصول على مكاسب معينة سجلها الحزب في الحكومة من خلال مكسب الثلث المعطل، وعرقلة الانتخابات منذ سنتين حتى الآن تشكل مطية للحصول على مكاسب اخرى في السلطة بات يسلم أفرقاء كثر بسعي الحزب الى ذلك بعدما فقد كل الاعذار المنطقية لعرقلته انتخاب رئيس خصوصا ان المرشحين الرئيسيين للرئاسة من فريقه من دون ان يفترض ذلك نسف اتفاق الطائف او الذهاب الى مؤتمر تأسيسي كما كان يطرح سابقا. والقضم الذي يجري للسلطة هو شكل من أشكال إرساء أمر واقع يصعب دحضه بمرور الوقت. ولا بد أن يكون انتظار معالم الحل السوري مرتبطا بدوره بمحاولة أو إمكان تسييل مترتباته على لبنان أيضا، بدليل الانتظار المضني الذي يعيشه لبنان على هذا الصعيد.