تجاوز التيار الوطني الحر قلق البدايات، على جلسة اليوم الانتخابية، تحت تأثير الجدل المتصل بنصاب الجلسة الأولى ونتائجها المحتملة، وما بعدها، من حيث التوقيت لا من حيث النتائج المضمونة، في حال عدم اكتمال الأفراح في الجلسة الأولى، وبات التصرّف على أساس ان فوز العماد عون صار من تحصيل الحاصل، ولذا كان الانتقال بالكلام، عن رئاسة الجمهورية الى رئاسة الحكومة العتيدة، وبدأ اللغط حول الحقائب والأسماء والبيان الوزاري المرتقب، بينما التكليف محسوم لرئيس المستقبل.
هذا التحوّل من القلق الى الارتياح لم يكن واردا، قبل تصريح النائب سليمان فرنجيه من عين التينة والذي أوكل فيه للورقة البيضاء تمثيل المعارضة في الصندوقة الزجاجية، بما شكّل جرعة دعم اضافية للعماد عون، بما حوّل وجهة الصراع من المنافسة الحادة الى مجرد حالة اعتراضية…
ولا شك ان زعيم المردة كان بموقفه هذا، متصالحا مع نفسه، ومنطقيا بما فيه الكفاية، لأنه أدرك، بعد قياس المواقف والظروف، ان رياح الرئاسة هبّت باتجاه الرابية.
لكن بقي من يتساءل عن سرّ احتفاظ فرنجيه، بترشيحه شخصيا، رغم دعوته المؤيدين الى اعتماد الورقة البيضاء؟ هنا، استنتج المتابعون أمرين: الأول، والأساس، ان سحب ترشيحه يفسح المجال لفوز العماد عون بالتزكية، وهذا ليس في وارده، كما يبدو… والثاني ان نقص التواصل بين المرشحين المنتمين الى الخط السياسي الواحد، ساعد في تقليص هامش الحركة أمام الوسطاء وسعاة الخير، بحيث تؤكد الأوساط المتابعة ان جولة العماد عون على القوى السياسية الأساسية، كان يفترض ان تشمل بنشعي ايضا، ثم كان انتقال فرنجيه الى أحد فنادق وسط بيروت، عاملا ينبغي ان يساعد على إتمام هذه الزيارة التصالحية، اذا صحّ التعبير، لكن ما حدث ان الزيارة لم تحصل حتى ساعة متقدمة من يوم أمس، وتبين ان تصريحا أو كلاما صدر عن فرنجيه، أو أحد أعضاء كتلته، أفسد في الودّ قضية…
بعض الأوساط القريبة من حزب الله ومن بكركي سعت مكررا على أساس ان تتم الزيارة من خلال وفد من تكتل التغيير والاصلاح، على غرار ما حصل بالنسبة الى المرشح هنري حلو، بعد انسحابه من المعركة، لكن يبدو ان الجبهة الاعتراضية التي تشكّلت من بري وفرنجيه، لم تترك للصلح مطرحا، قبل انجاز الاستحقاق الرئاسي على الأقل…
الفريق العوني: الذي استكمل استعداداته لعرس الرئاسة اعتبارا من ظهر اليوم الاثنين، وحضّر الذبائح على طريق القصر، والأسهم النارية في تلال الحدث التي يطلّ عليها قصر بعبدا، واثق، وفق آخر المراجعات الرقمية، من حصول العماد عون على ٩٠ صوتا في الدورة الأولى ما يجعل الدورة الثانية لزوم ما لا يلزم.
يبقى سؤال كبير مطروحا، حول مدى استطاعة حزب الله ضبط ايقاع التعامل بين حليفه الاستراتيجي نبيه بري، المتحفز للجهاد الأكبر بعد انتخابات اليوم، في ميدان تكليف رئيس الحكومة، وبالتالي تأليف هذه الحكومة في رسالة موجهة الى كل من الرئيسين عون والحريري، وبين حليفه السياسي العماد عون المتربع الآن على عرش الجمهورية في بعبدا؟
الأوساط القريبة من أجواء الحزب، طمأنت بالقول: الحل بلعبة التوازن بين الطرفين، التي يجيدها الحزب ويتقبّلها الحلفاء…