IMLebanon

الضبية: «سيبة» تفاهم وإلاّ مواجهة عَـ«المنخار»

قد لا تصنّف بلدية ضبية ـ ذوق الخراب ـ حارة البلان ـ مزرعة دير عوكر من بين البلديات الضخمة في قضاء المتن الشمالي. لا يتعدّى عديد ناخبيها الـ3200 صوت وفق لوائح العام 2010، بينما يبلغ عدد أعضاء مجلسها البلدي 15 عضواً فقط وثلاثة مخاتير. لكنّ «بحبوحة» واردات الضبية المالية، ورمزية معركتها الانتخابية، تجعل منها محطاً للمتابعة.

حتى اللحظة، تتأرجح المنطقة بين توجهين اثنين: الأول تفاهم «هجين» يُراد له أن يضمّ خصوماً وحلفاء في باقة انتخابية، بينما يتلخّص الثاني بخوض معركة يسعى اليها كُثر، وفي طليعتهم العونيين لا سيما وأنّهم يعتبرون أن فرص الفوز بها لم يعُد صعباً أو مستحيلاً.

للتذكير، فإنّه في العام 2010 حصلت المواجهة بين رئيس البلدية الحالي قبلان الأشقر ذي الميول القومية، والمدعوم بشكل أساسي من ميشال المر وحزب الطاشناق و «القوات»، وبين «التيار الوطني الحر» المكتفي يومها بتحالف مع حزب «الكتائب» الذي اتكأ على عصا الخلاف «العقائدي» مع الأشقر ليكون في صفّ البرتقاليين بمواجهة «الريس العتيق».

يومها بدت المواجهة بين القائمتين على «المنخار» وانتهت بفوز قبلان الأشقر بفارق لا يتعدّى الخمسين صوتاً، لا بل أكثر من ذلك، تمكن عبدو لطيف، عضو هيئة قضاء المتن في «التيار الوطني الحر»، من اختراق المحدلة والجلوس طوال ستة أعوام بوجه رئيس البلدية.

اليوم، تشهد الضبية سباقاً مكتوماً بين معركة قاسية ومسعى تفاهمي يقوده، للمفارقة حزب الكتائب ويفترض أن يؤدي الى انصهار كل القوى الحزبية الموجودة في المنطقة ضمن قائمة انتخابية واحدة. المشاورات لا زالت قائمة مع رئيس البلدية غير الممانع للمبدأ، لكن الغرق في تفاصيل المفاوضات قد يوقظ الشياطين ويعيد الاعتبار لخيار المواجهة.

وفق المعلومات، فإنّ الموفد الكتائبي حَمَل الى «الريّس» طرحاً يقول بمنح الثلاثي المسيحي (التيار الوطني الحر والقوات والكتائب) حصّة وازنة من التركيبة، 8 أعضاء الى جانب نيابة الرئيس، أي وضع اليدّ على قرار المجلس البلدي.

لكن الكتائب التي بدت متحمّسة لهذا المنحى بعد «ترتيب» علاقتها مع الأشقر التي كانت تعاند لسنوات وضع يدها بيده لأسباب سياسية تجعلها في حالة خصومة «أزلية» مع القوميين على طول مساحة قضاء المتن الشمالي، راحت «تعدّ للعشرة»، بعدما تسلل الأخبار التفاوضية مع رئيس البلدية ما أدّى الى حالة بلبلة في قواعدها الحزبية في الضبية.

وكما تقول المعلومات، فإنّه على أثر انتشار بقعة هذه الأخبار، قامت شريحة من الكتائبيين من أهالي المنطقة والتقت النائب سامي الجميل معترضة على هذا المسار ومهدّدة بتسليم بطاقاتها الحزبية في ما لو تمّ الاتفاق ورسا خيار الصيفي على التفاهم مع قبلان الأشقر على حساب المعركة. ومع ذلك يخشى البعض من أنّ ينتهي هذا المسعى باتفاق ثنائي بين الكتائب ورئيس البلدية تدخل الصيفي شريكة في البلدية، كي لا يكون تفاهم معراب على حسابها!

ولكن وفق التوضيحات الكتائبية كما يرى أحد القياديين المعنيين، فإنّ عامل عمر رئيس البلدية (86 عاماً) يلعب دوراً مؤثراً يدفع الى تغليب منطق التفاهم «غير المشروط»، نافياً تقديم أي «عرض حصص» من جانب هذا الفريق لأنه مناقض لمفهوم التوافق. في حين يقرّ أنّ هذا المسعى يلقى أصداء إيجابية وأخرى سلبية في القواعد الكتائبية، أسوة ببقية الأحزاب التي تفاعل مناصروها بمنطق مختلف عن بعضهم البعض، الا أنّ توجه الصيفي هو لمنح هذا الخيار الذي يضمّ الثلاثي المسيحي، مداه الأوسع.

وبانتظار ردّ رئيس البلدية على العرض المفترض في حال نجاحه أن يؤدي الى دخول دم جديد، ليس بالضرورة حزبياً كما يقول القيادي الكتائبي لكن ذا كفاءة أخلاقية وعلمية، يؤكد أنّ العلاقة مع قبلان الأشقر لم تنقطع يوماً وإن كانت ذات طابع خصميّ، لكن الرجل ذا حيثية لا يمكن إنكارها وله إنجازاته في المنطقة، ومن الأفضل عدم تعريض الضبية لإنشطار عمودي هي بغنى عنه.

في المقابل، يقول أحد المتابعين المتحمّسين لـ «مواجهة الصناديق» إنّ المسارين صارا متوازيين، ويمكن لأي منهما أن يغلب الآخر فيما لو تقدّم منسوب المعطيات، ولكن تركيب اللائحة أو رئاستها، لا يزالان قيد التشاور.

فبعض عونيي المنطقة يريدون لمربّع الضبية ـ ذوق الخراب ـ حارة البلان ـ مزرعة دير عوكر أن ينضم الى حلبة استعراض عضلات التفاهم مع «القوات» للإتيان برئيس بلدية يصبّ معهم قلباً وقالباً. هؤلاء يمسكون عدّاد الأرقام ويبدأون تسجيل أسماء البلديات المنضوية تحت لواء «الاتحاد» والتي قد تكون من نصيبهم.

ولكن لقيام معركة كفوءة يدرك هؤلاء أنّ هناك حاجة ماسة لتركيب «سيبة» رباعية لا بدّ منها للوقوف على الحلبة بثقة عالية بالنفس، تقوم على تحالف يضمّ «التيار الوطني الحر» ـ «القوات» ـ «الكتائب» ـ «الطاشناق»، وأي تقصير من جانب أي طرف، يكون ضرباً لفرصة التغيير.

في المقابل، لا يجاري العونيون «حلفاءهم الجدد» أي «القوات» ولا يشاركونهم الحماسة عينها. يقول قيادي قواتي إنه ليس المطلوب خوض معارك «دونكيشوتية» بدليل أنّ إمكانية التفاهم في بعض بلدات المتن كانت قائمة وبسرعة قياسية، في الجديدة والدكوانة مثلاً، فمفهوم «العدّ» لن يستدرجنا الى تسجيل خصومات مجانية. ولهذا لا بدّ من انتظار جلاء الصورة قبل تحديد مسار الاستحقاق.

وتزيد ضبابية موقف الطاشناق من ضبابية الأجواء. إذ لا يزال الحزب الأرمني حتى اللحظة يطبق اليد على قراره. يؤكد بعض المطلعين أنّ قيادة الطاشناق لن تفرج سريعاً عن خياره الانتخابي، والأكيد أنه سيسعى للتعامل مع الاستحقاق بالمفرق، أي لكل بلدة حساباتها ولكل منها مسارها. لن يزعجه أن يمسك العصا من الوسط فلا يكون في حال خصومة مطلقة مع أي من القوى المتنية، وانما سيفضل الإبقاء على صلات «القربى» السياسية مع مكونات منطقته، حتى لو كانوا متخاصمين في ما بينهم.