لن يكون حظ ستيفان دو ميستورا في سوريا أفضل من حظوظ سلفيه كوفي أنان والأخضر الإبرهيمي، فاذا كانا قد انتهيا الى الفشل، فإنه سرعان ما سيقع في فشل أدهى وإن كانت الظروف المحيطة بتحرّكه تبدو أفضل، على الأقل لجهة الرغبة الشاملة في وقف حامولة الموت ودحر الارهاب الزاحف.
الملف السوري كان اول من امس مدار بحث في ثلاثة أمكنة، موسكو وطهران وأنقرة، وبدا واضحاً ان الأزمة ما زالت تراوح عند العقدة الواحدة التي أفشلت مؤتمر جنيف في مرحلتيه الأولى والثانية، أي موقع الرئيس بشار الاسد من التسوية ومصيره بعد الاتفاق على حل يوقف القتال ومطحنة القتل التي أودت بأكثر من مئتي ألف وشردت الملايين ودمّرت سوريا.
ما لم يقله وليد المعلم في طهران ولا قاله ستيفان دو ميستورا بعد اجتماعه مع الائتلاف السوري في تركيا قاله سيرغي لافروف سلفاً في موسكو، قبل اجتماع ميخائيل بوغدانوف مع وفد قيل إنه من معارضة الداخل [لكأن هناك في الداخل معارضة خارج السجون او المقابر] ومفاده ان الحل هو بالعودة الى اتفاق “جنيف – ١” الذي يعرف الجميع انه واجه الفشل لأنه لم يحدد موقع الأسد من التسوية، ولأن وفد النظام رفض في “جنيف – ٢” التطرق الى مسألة الإنتقال السياسي.
وهكذا تبدو خطة “تجميد القتال” انطلاقاً من حلب، التي يقترحها دو ميستورا بعدما دسّتها موسكو في رأسه، وكأنها قشرة الموز التي يراد تزحيط المعارضة عليها، وخصوصاً عندما تعلن موسكو ان البحث في مضمون الحل السياسي لن يبدأ قبل سنة ٢٠١٦، بما يعني انه سيكون على المعارضة، المنقسمة اصلاً، ان تعود الى الإذعان للنظام ولرئيسه، وان تدفن اربعة اعوام من الموت والدمار لتهتف “الاسد رئيسنا الى الأبد”!
عشية زيارة دو ميستورا الى دمشق حدّد وليد المعلم شروط الأسد لقبول “نظرية التجميد”، فاشترط استعادة السلطة المركزية لكل المناطق التي تسيطر عليها المعارضة، وأن التجميد يجب ان يحصل اولاً في المناطق التي تخضع لسيطرة المسلحين الذين عليهم ان يسلّموا اسلحتهم الثقيلة او ان يخرجوا من حلب لقتال “داعش”، وهذا يعني دعوة المعارضة الى الاستسلام الكلي من دون أي بحث في عملية الانتقال السياسي التي تبدو مستبعدة الآن وايضاً بعد ٢٠١٦.
المعلم تحدث في طهران عن حل برعاية موسكو وموافقة ايران ووجّه الإتهامات المعتادة الى اميركا واوروبا والسعودية وقطر، ولكن على رغم الضوضاء المثارة حول العودة الى اتفاق “جنيف – ١”، عبر خطة دو ميستورا التي تشبه حصان طروادة لتزحيط المعارضة، من المستحيل تجميد الصراع من دون اتفاق على مضمون الحل السياسي، ولهذا سرعان ما سيلتحق دو ميستورا بأنان والإبرهيمي.