“المبعوث الأممي الى سوريا ستيفان دو ميستورا أبلغ جهات دولية بارزة ان مهمته بالغة الصعوبة والتعقيد فعلاً لكنه مصمم على مواصلتها وانه يحتاج الى فترة زمنية أخرى من أجل بدء العمل التنفيذي جدياً وطرح اقتراحاته وتوصياته لإيجاد حل سياسي شامل مقبول للأزمة السورية. وشدد دو ميستورا في لقاءاته مع مسؤولين أميركيين وغربيين وإقليميين على ان أي حل سياسي للأزمة يجب أن يرتكز على بيان جنيف المؤرخ 30 حزيران 2012 الذي تبناه مجلس الأمن رسمياً والذي تدعمه كل الدول المعنية بالأزمة في ما عدا إيران، وانه يمكن تطوير بيان جنيف ولكن ليس ممكناً تجاوز مضمونه الذي يطالب خصوصاً بانتقال السلطة في سوريا الى نظام جديد ديموقراطي تعددي ويحدد طريقة وسبل تحقيق هذا الهدف”.
هذا ما أدلى به إلينا مسؤول دولي بارز معني بالملف السوري وقال: “يدرك دو ميستورا انه ليس قادراً وحده على تحقيق أي اختراق بل انه يحتاج الى دعم دولي – إقليمي حقيقي والى عوامل خارجية تساعده في مهمته. وعلى هذا الأساس يريد، من غير أن يعلن ذلك صراحة، أن ينتظر نتائج الحملة العسكرية التي يقودها الإئتلاف الدولي ضد تنظيم داعش والقوى الإرهابية لأنه يرى ضرورياً إعطاء الأولوية لتحقيق إنجازات ملموسة في المعركة ضد المتطرفين والإرهابيين التي تخوضها الدول المعادية لنظام الرئيس بشار الأسد، ولأنه على اقتناع بأن هذه الحملة ستبدل الكثير من المعطيات والأوضاع في الساحة السورية مما قد يساعد على إحراز تقدم في عملية حل الأزمة”.
ويحيط المبعوث الأممي مهمته بالتكتم ويرفض كشف أوراقه ويكتفي بتصريحات عامة. لكن المسؤول الدولي قال لنا، إستناداً الى معلومات بعض الذين التقوا دو ميستورا، إن الأخير يتحرك على أساس الاقتناعات الأساسية الآتية:
أولاً – يرى دو ميستورا ان نظام الأسد لن يستطيع بقدراته الحربية الكبيرة أن يحسم مع حلفائه المعركة لمصلحته وينتصر عسكرياً، ولن تستطيع القوى المعارضة أن تسقط النظام بقدراتها الذاتية، مما يعني ان مواصلة الحرب ستلحق بسوريا والسوريين المزيد من الكوارث ولن تحقق نتائج حاسمة لأي طرف. وهذا الاقتناع يتناقض مع موقف الأسد وحلفائه الذين يراهنون على الحل العسكري من أجل الإمساك بالبلد.
ثانياً – ليس ممكناً العودة بسوريا الى مرحلة ما قبل نشوب الثورة الشعبية في آذار 2011 لأن هذه المرحلة انتهت. وليس واقعياً الرهان على إمكان حكم هذا البلد بالطريقة السابقة ومن غير تنفيذ تغييرات جوهرية وجذرية فيه.
ثالثاً – الحل الشكلي أو الجزئي لن ينهي المأساة بل تجب معالجة الجذور والأسباب الداخلية العميقة لهذه الأزمة التي فجرت ثورة شعبية حقيقية وحرباً غير مسبوقة ألحقت بسوريا دماراً وخراباً هائلين وأسقطت البلد في فوضى عارمة وحولته ساحة لانتشار ونمو التطرف والإرهاب ومصدر خطر كبيراً لجيرانه.
رابعاً – ليس ممكناً إيجاد حل من طريق التعاون مع طرف واحد فقط بل يجب إشراك القوى المعارضة المعتدلة في أي عملية تسوية والاستجابة للمطالب المشروعة للشعب المحتج ولكل مكونات الشعب.
خامساً – ليس ممكناً إيجاد حل سياسي شامل ينقل سوريا الى مرحلة السلام والاستقرار من غير منح الشعب حق تقرير مصيره بنفسه من طريق انتخابات نيابية ورئاسية تعددية حرة وشفافة تشرف الأمم المتحدة على تنظيمها وهو أمر لم يشهده هذا البلد منذ أكثر من خمسين عاماً.
سادساً – ليس ممكناً وقف الحرب وإنجاز حل سياسي شامل من غير تحقيق تفاهم جدي بين الدول المعادية لنظام الأسد والدول الداعمة له إذ ان أياً من الفريقين عاجز عن تسوية الأزمة وحده.
سابعاً – أي حل شامل للأزمة يجب أن يشمل التفاهم على إعادة إعمار سوريا ومعالجة المشاكل الهائلة التي خلفتها الحرب، مما يتطلب نفقات تبلغ أكثر من 300 مليار دولار. ويستحيل تحقيق ذلك من غير دعم دولي – إقليمي إستثنائي وضمان الاستقرار الحقيقي الذي يتطلب التفاهم على مشروع للإنقاذ مقبول لدى كل الأطراف.
واستناداً الى المسؤول الدولي، شدد المسؤولون الأميركيون والفرنسيون وحلفاؤهم الإقليميون الذين التقاهم دو ميستورا على “ان الحل الوحيد الذي ينهي الحرب وينقذ سوريا يجب أن يتضمن نقل السلطة الى نظام جديد تعددي ينهي حكم الأسد، وان أي مشروع حل يتجاهل هذا الطلب الأساسي مصيره الفشل”.