IMLebanon

من حقيبة النهار الديبلوماسية الصفقة الوحيدة بين واشنطن والأسد

“حاول الرئيس بشار الأسد مراراً التقارب سراً مع إدارة الرئيس باراك أوباما وخصوصاً في السنوات الثلاث الأخيرة وبذل جهوداً من طريق مبعوثين وممثلين له ووسطاء من اجل محاولة اقناع المسؤولين الاميركيين بانجاز تفاهم ما معه يتجاوز النزاع السوري الداخلي ويتركز على محاربة الارهاب، مشدداً على ان “الاميركيين يحتاجون اليه” في الحرب ضد تنظيم “داعش” والارهابيين عموماً وانه مستعد للتعاون معهم في مقابل تخلي واشنطن عن دعم المعارضة السورية وترك الرئيس السوري يتخذ القرارات والاجراءات التي يراها مناسبة لمواجهة معارضيه وخصومه. وبعث الأسد برسالة مماثلة الى الاميركيين بعد عملية استعادة تدمر وإنهاء سيطرة “داعش” عليها”. هذا ما قاله لنا مسؤول غربي من باريس وثيق الصلة بالادارة الاميركية. واضاف: “إن جهود الأسد هذه تظهر انه يدرك تماماً ان الدعم الروسي – الايراني الواسع النطاق له ليس كافياً لانقاذه من مأزقه الحقيقي الذي تورّط هو ونظامه فيه بعد اعلانه الحرب على شعبه المحتج بل انه يحتاج الى مساعدة خصمه الكبير الولايات المتحدة من أجل ضمان بقائه في السلطة مراهناً على أن الأميركيين قد يكونون مستعدين للتعاون معه في الحرب ضد الارهاب في مقابل تغييرات شكلية وجزئية ينفذها في تركيبة نظامه وتوجهاته”.

وأوضح المسؤول الغربي استناداً الى المعلومات التي حصل عليها من واشنطن “أن جهود الرئيس السوري هذه لم تحقق اي نتيجة بل ان إدارة أوباما متمسكة بحزم في محادثاتها مع القيادة الروسية ومع جهات دولية واقليمية معنية بالأمر بضرورة رحيل الأسد ضمن نطاق أي عملية تفاوضية تهدف الى انجاز الانتقال السلمي للسلطة الى نظام جديد تعددي. وعملية استعادة تدمر لم تبدل الحسابات ولم تحقق رغبة الأسد في فتح ثغرة في جدار القطيعة والعداء القائم بينه وبين واشنطن وهذا مرده الى العوامل والأسباب الأساسية الآتية:

أولاً، تولي الإدارة الأميركية أهمية كبيرة للحرب ضد “داعش” والارهاب لكنها على اقتناع مع حلفائها بأن القضاء على الارهاب لن يؤدي الى انهاء الصراع السوري العميق واحلال السلام بل أن تسوية الصراع السوري بطريقة جدية وشاملة تتضمن قيام نظام جديد تعددي يحقق التطلعات والمطالب المشروعة لكل مكونات الشعب هي التي ستساعد على القضاء على الارهاب وتعزيز الأمن والاستقرار في البلد. فالحرب ضد “داعش” والارهاب لن تكون على حساب الحل العادل والشامل للنزاع السوري.

ثانياً، عملية استعادة تدمر لم تبدل أو تغيّر الاتفاق الاميركي – الروسي المطالب بتكثيف الجهود الديبلوماسية من اجل دفع وفدي النظام والمعارضة الى التفاوض مباشرة في جنيف على تشكيل هيئة الحكم الانتقالي التي ستمارس السلطات التنفيذية الكاملة وتصوغ دستوراً جديداً وتنظم انتخابات جديدة تعددية بالتعاون مع الأمم المتحدة من أجل تكريس قيام النظام الجديد.

ثالثاً، الادارة الاميركية على اقتناع مع حلفائها بأن بقاء الأسد في الحكم لن يحقق السلام بل يطيل الحرب ويعمّق الصراع ويغذي الارهاب، وترى اميركا والدول الحليفة لها أن الأسد هو المسؤول الرئيسي عن الكوارث الأنسانية والمادية التي أصابت سوريا والسوريين والحرب التي فجرها هي التي أحدثت الفوضى العامة وجذبت الى البلد الارهابيين وسمحت لهم باستغلال هذه الساحات من أجل تنفيذ عمليات ارهابية في دول عدة. بل ان الأسد، استناداً الى الاميركيين والفرنسيين، تواطأ مع تنظيم “داعش مراراً” وسهل سيطرته على تدمر العام الماضي اذ انه امتنع عن الدفاع عن هذه المدينة وسحب قواته منها. وقد استغل الأسد قضية الارهاب من أجل محاولة البقاء في السلطة وليس من أجل إنقاذ سوريا.

رابعاً، الادارة الأميركية ليست في حاجة الى سوريا الأسد بل انها تعمل مع حلفائها ومع روسيا من أجل قيام سوريا ما بعد الأسد. والصفقة الوحيدة التي يمكن عقدها مع الأسد هي صفقة ضمان رحيله عن السلطة الأمر الذي يتطلب تعاون نظامه جدياً مع مبعوث الأمم المتحدة الخاص الى سوريا ستافان دو ميستورا من أجل تحقيق نجاح المفاوضات مع المعارضة وتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات تعمل على إنجاز الانتقال السلمي الى النظام الجديد التعددي المتصالح مع شعبه ومع الدول المجاورة ومع العالم”.

وخلص المسؤول الغربي الى القول: “التعاون مع الأسد صفقة خاسرة لأميركا وحلفائها ولسوريا وشعبها والصفقة الرابحة هي انهاء حكم الأسد. وعملية تدمر لن تفتح الطريق بين واشنطن ودمشق ولن تبدل المعادلة الأساسية والقائمة على أساس أن الحل السياسي الشامل هو الذي ينقذ سوريا وليس الحل العسكري”.