IMLebanon

«صفقة القرن» لأن العرب في أدنى درجات الإنحطاط والإنحلال في مجتمعاتهم… استيقظوا

 

 

 

«صفقة القرن» التي أعلنها من البيت الأبيض رئيس الولايات المتحدة مقرونة بملحق من 81 صفحة تفصل معانيها وخصائصها، هل تمر او لا تمر مرور الكرام؟

 

قبل «صفقة القرن» كانت الولايات المتحدة قد كرست القدس عاصمة لدولة إسرائيل وطوّبت أكثر مناطق الجولان لإسرائيل، ومر الحدثان مرور الكرام في الشارع العربي وبردة فعل هزيلة الى حد أنه لم يشعر احد بها!! مؤكدة مثبتة ان القضية الفلسطينية لم تعد قضية العرب الأولى والأخيرة! وأن كل بلد عربي أصبحت لديه هموم ومشاكل وجودية أهم من قضية فلسطين. طبعاً على صعيد الظاهرة الصوتية عقدت الجامعة العربية اجتماعها التقليدي واضيفت مقرراتها الى أرشيف المهملات، وأصلاً الجامعة العربية لم يعد لها أي دور في الحياة السياسية العربية. «صفقة القرن» قبل ان نتطلع الى ردات الفعل عليها هي باختصار ترتيب صفقة بين منتصر ومنهزم شر هزيمة! ولكنها قد تمر او لهذا فهي تدق الأجراس ليعيد هذا العالم العربي حساباته ويصارح نفسه أين هو في هذا العالم والى اين وصل وكيف وصل الى هذا الحضيض الذي يتخبط فيه والذي لن يخرج منه الا بالاعتراف به اعترافاً صريحاً ومؤلماً ولكنه اعتراف ومصادقة ومصارحة لا بد منهم لمحاولة الخروج من القعر الذي يتخبط فيه هذا العالم العربي!

 

اول الحقائق التي يجب ان ننطلق منها انه منذ ضياع الجزء الأكبر من فلسطين سنة 1948 تحول اهتمام ومحرك السياسة في البلاد العربية الى قضية فلسطين متناسياً ومهملاً كل أسس ومقومات ودعائم المجتمعات السياسية وغير السياسية في البلاد العربية من الحرية، الى الثقافة، الى العدل، الى حكم العسكر، الى حكم المخابرات الى كرامة الإنسان، الى الدين، الى حرية الفكر، الى المحافظة والارتقاء بمستوى التعليم، الى الصحة، الى المجتمع الذكوري، الى… الى… حتى صار ينطبق فعلاً على علاقة الانسان في البلاد العربية مع مجتمعه ودولته عنوان الكتاب الذي صدر بعد الثورة المصرية وأشار اليه في مقاله الأخير الكاتب المتفوق سمير عطالله «دي مش أمي… هي مرات أبوي».

 

زاد عدد السكان وزاد الجهل والفقر وانتشرت الأمية وانخفض مستوى التعليم الى قعر مخيف وصغرت الطبقة الوسطى حتى لتكاد تنعدم، وجيء لنا بدين لا نعرف من اين جاؤوا به؟ فيه العبودية محللة وتعدد الزوجات واجب! والعنف روحه وقلبه!!! في حين ان الأوضاع الدينية كانت امام تحديات العصر وتنتظر ثورة النهضة!

 

قليل، بل كثير من المصارحة المؤلمة لتشخيص المرض المستفحل والذي يزيد استفحالاً مع انتشار الشعبوية وتراجع العقلانية حتى صار الانسان العربي في حالة مَرَضِية فعلاً ولم تعد علاقته بمجتمعه ودولته علاقة سليمة، «دي مش أمي… دي مرات أبوي»، في علاقة العرب بدولهم ومجتمعاتهم.

 

ولكن اين هي أمك؟ ولماذا اضعتها يا عزيزي المواطن العربي حتى جاءت زوجة ابيك لتحل محلها؟

 

هذا العالم العربي خضع أربعة قرون للحكم العثماني الذي كان خالياً من أي نقطة نور وفكر وحرية! وبعد ذلك جاء الغرب وأعطى ما اعطى واخذ ما اخذ ثم جاءت الاستقلالات العربية، لم تكد تبدأ مسيرات الاستقلال حتى كان انفجار قضية فلسطين وهزيمة العرب الأولى فيها، وتحولت السياسة في البلاد العربية بل انحصرت في قضية فلسطين وبدأنا بالانقلابات العسكرية من سوريا الى مصر الى العراق الى السودان الى الجزائر الى ليبيا الى محاولات فاشلة في المغرب! وحكم العسكر، لتحرير فلسطين.

 

وكان بطل العملية هو عبد الناصر، الذي كان وطنياً ونظيف الكف ولكنه حَكَّمَ العسكر في كل الميادين! وقامت ثورته على تحرير فلسطين، واداتها هي الجيش ولكنه سلم الجيش الى عبد الحكيم عامر ليأمن شر أي محاولة انقلابية كما حصل مع محمد مصدق في ايران، وحوّل عامر الجيش الى قبيلة الود والوفاء لخدماته التي خلقت له شعبية في الجيش ولكنها لم تصنع جيشاً في مستوى الشعارات التي رفعها عبد الناصر، فكان الذي حصل سنة 1967، وجاءت بعد ذلك المنظمات الفلسطينية التي حاولت من حيث لا تدري ان تجعل الأردن «وطناً بديلاً» ولكن عبقرية الملك حسين منعتها فانتقلوا الى لبنان حيث سببوا حرباً أهلية دموية ومرت طريق فلسطين من جونية وعيون السيمان! وانتهى امر مصر بكامب دايفيد ثم جاء مبارك الى العرش بعد السادات ليبقى اكثر بكثير من سلطة فاسدة اكثر مما بقي فاروق على عرشه وكانت الثورة المصرية التي ولدت «دي مش أمي… دي مرات أبوي»، وفي هذه الأثناء أي في حكم العسكر تراجعت الأوضاع الاقتصادية في البلاد العربية الى الحضيض ولولا البترول الذي لا فضل للعرب في صنعه لكان العالم العربي الذي هو غني بكثير من الموارد ولكن حكم العسكر والمخابرات والفساد لا يتيح للإنماء والنهوض ان يتقدم وصار الفكر مطارداً والحريات في خبر كان! ومع ان لبنان دخل العروبة في حربه الأهلية الا انه في ثورته الحالية يسلط الأضواء وينتفض على عالمه العربي في الانحطاط وهزيمة الحرية وهزيمة الكرامة الإنسانية وفي الفساد وفي عز الديمقراطية.

 

اقل من قرن من الزمن وقضية فلسطين هي محور السياسة العربية فانتهى الأمر الى ضياع فلسطين ثلاث مرات والى ضياع العالم العربي معها.

 

آن الأوان لصحوة العقل، لأن نشخص امراضنا ونعرفها ونعترف بها لنعالجها.

 

الحرية والعقلانية والثقافة والانفتاح على العالم والعودة الى الدين وطرد دين البغدادي ودواعشه من تربيتنا وعقولنا لنصالح العالم قاطبة!

 

هاتوا الرجال والنساء، هاتوا لنا طه حسين والسنهوري ومحمد عبده وسعد زغلول وصفية زغلول وجميلة بو حيرد و… و…

 

العالم العربي في سبات عميق حتى فلسطين لم تعد قضيته، صار غارقاً في نوم ثقيل!

 

الصدمة، والرجال العظام الذين يحققون اليقظة ثم النهضة.

 

أين هم؟ هذا هو السؤال!