صحيح ان ما حصل في الاسبوعين او الثلاثة الاخيرة اشاع جوا من التفاؤل على الساحة السياسية لكن ترجمة هذا المناخ الى معالجات وحلول للملفات العالقة غير مرشحة في المدى القريب.
واذا كانت مبادرة الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله والردّ الايجابي عليها من الرئيس سعد الحريري قد خلق جوا يشجع على فتح افاق اكثر للحوار والتلاقي فان الاسباب التي حالت حتى الآن دون حسم المشاكل والاستحقاقات لم تلق عمليا الاجوبة عليها.
ومما لا شك فيه ان الجلسة التشريعية واجواء جلستي الحوار الاخيرتين عكست تقدما ملحوظا ومشجعا يمكن البناء عليه غير ان الطريق الى الحلول الناجزة لا يزال يواجه مطبّات وعقبات عديدة ربما بسبب عدم انقشاع رؤية المشهد الاقليمي على الرغم من التطورات الاخيرة التي سجلت بعد الدخول الروسي القوي والمباشر على مسرح ما يجري في سوريا والمنطقة.
واذا ما نظرنا الى الجزء الملآن من الكأس كما يقول مرجع بارز، فان ما سجل منذ بداية هذا الشهر يعطي انطباعا بأن هناك رغبة لدى الاطراف اللبنانية في تعزيز مسار الحوار وتجاوز مرحلة الصدام والتشنج التي سادت في الشهرين الماضيين لا سيما على وقع ما جرى ويجري في المنطقة.
وهذا بحدّ ذاته يعتبر تطورات ايجابية يحتاج الى استكمال وبذل الجهود المشتركة للدفع باتجاه تحقيق عناصر تقريب الحلول.
وبرأيه ايضا ان هناك حاجة ملحة للانتقال من مرحلة الجمود والمراوحة السياسية الى مرحلة العبور الى الحلول لتحصين البلد سياسيا وامنيا اذا لا يجوز ان نستمر بالاتكال على براعة وجهود الجيش والقوى الامنية في مواجهة وملاحقة الخلايا الارهابية من «داعش» «والنصرة» واخواتها كما حصل مع التفجيرين الارهابيين في برج البراجنة حيث استطاعت هذه القوى ان تحقق انجازا في كشف المجرمين والمتورطين وتوقيف بعضهم بسرعة قياسية الامر الذي جعل عدداً من السفراء الاجانب والعرب يبدون لمراجع مسؤولة اعجابهم بقدرة القوى العسكرية والامنية اللبنانية وجاهزيتها في الحرب على الارهاب.
واذا كان مسار التخاطب بين حزب الله والمستقبل قد تحسّن بعد مبادرة نصرالله ورد الحريري فان الرجلين شددا ايضا على نقطة مهمة وهي تأكيد الاول على الجلوس والحوار ثنائىا او ثلاثيا او رباعيا وتشديد الثاني على التلاقي، ويعني ذلك ان الطرفين حريصان على زيادة الدم في عروق حوار عين التينة من جهة وعلى المساهمة في مساعدة الرئيس بري على تعزيز دور طاولة الحوارمن جهة اخرى.
وينقل عن الرئيس بري في هذا المجال قوله ان هذه الطاولة «غير مضرة اساسا بل هي مفيدة ونسعى لان تكون اكثر فائدة، لا بل اصبحت من الضرورات ومرجعية على ان لا يعني ذلك انها تأخذ دور المؤسسات الدستورية».
ولان المبادرة تشمل رئاسة الجمهورية، وقانون الانتخاب، ورئيس الحكومة المقبل، والحكومة والمجلس، فان اي جهد لتحقيق تقدم او خرق حقيقي باتجاه الحلول يفترض امرين اساسيين بحسب المرجع.
1- تركيز المتحاورين على البحث الجدي في حل لغزي قانون الانتخاب: كيفية الجمع بين النسبية والاكثرية، وتقسيم او عدد الدوائر الانتخابية.
2- اما المحور الثاني فيجري من خلال التحركات والمداولات بعيدا عن الاضواء، والتي بدأنا نشهد بعضها في الداخل والخارج والتي تتركز على محاولات جس النبض حول عقد صفقة ثنائية تشمل رئيسي الجمهورية والحكومة المقبلين.
وتقول مصادر مطلعة ان ليس هناك ضوء اخضر اقليميا او دوليا لحسم الاستحقاق الرئاسي اللبناني اليوم، لكن في المقابل هناك مؤشرات على ان دول القرار لا تمانع بل تشجع اللبناني على استئناف النقاش الجدي للوصول الى اتفاق حول اسم الرئيس العتيد.
وحسب المصادر فان انجاز صفقة متكاملة تشمل رئيسي الجهمورية والحكومة والتشكيلة الحكومية المقبلة ربما يكون اسهل او يسهل الاتفاق على رئيس الجمهورية، خصوصا انه ليس لدى الدول الخارجية المؤثرة مرشحين جاهزين.