IMLebanon

التعاطي مع ملف وقف الهبة يتخطى قدرة الداخل

تحمل التطوّرات الأخيرة رسائل عديدة هدفها محلي قبل أن يكون إقليمي، وذلك على الرغم من سيطرة عنوان قطع المساعدات السعودية عن الجيش اللبناني على مجمل المشهد السياسي، وتحوّله إلى عنوان للتصعيد بين القوى السياسية اللبنانية على اختلاف انتماءاتها السياسية والحزبية، كما الطائفية والمذهبية. وإذا كانت الرسالة الأساسية تركّز على الإحاطة بالملف الرئاسي، كما تعتبر عدة جهات نيابية في فريق 8 آذار، والتي ترى في التصعيد السعودي ضغطاً في هذا الملف، فإن مصادر نيابية في فريق 14 آذار، وجدت بأن لا حظوظ بعد اليوم لأي تفاهمات أو تسويات سياسية محلية تسمح للإستحقاق الرئاسي بأن يبصر النور قريباً، أو على الأقلّ في الجلسة المرتقبة خلال أيام معدودة في مجلس النواب في الثاني من آذار المقبل.

وبحسب حصيلة جولة المشاورات التي أجرتها هذه المصادر مع أكثر من مرجعية محلية، فإن الساحة اليوم قد أقفلت الباب أمام التفاهمات، وكشفت نفسها على أكثر من خيار تصعيدي، وفي المجال الرئاسي في الدرجة الأولى. واعتبرت أن المستجدّات الأخيرة قد أطاحت، ومنذ اللحظة الأولى، بالمشهد الرئاسي الذي كان تحرّك بقوة على وقع الدينامية التي أحدثتها عودة الرئيس سعد الحريري إلى بيروت في 14 شباط الجاري. وأوضحت أن الآمال كانت معقودة لدى أكثر من فريق سياسي، ولا سيما فريق 14 آذار، وطبعاً المرشّحَين العماد ميشال عون والنائب سليمان فرنجية، بإجراء الإنتخابات الرئاسية في جلسة 2 آذار، ولكن العقبات التي برزت تباعاً وتحديداً داخل فريق 8 آذار، جزمت مسبقاً باستحالة حصول الإنتخابات إلى أن أتت الضربة القاضية نتيجة القرار السعودي الذي نقل التجاذب من موقع إلى آخر، أي من ملف رئاسة الجمهورية إلى ملف العلاقات اللبنانية ـ السعودية، والإنقسام الداخلي حيالها.

ولاحظت المصادر النيابية في 14 آذار نفسها، أن الإنشغال اليوم بالقرار السعودي، يدفع نحو تراجع الإهتمام بالإستحقاق الرئاسي، معتبرة أن الهمّ الأساسي لدى سائر المرجعيات والقيادات الداخلية، ينصبّ على كيفية الحفاظ على الوضع الأمني مستقرّاً، بعيداً عن أي اشتباك سياسي مرتبط بالصراع الإقليمي، والعمل على ترميم العلاقة مع الرياض من خلال الإتفاق على موقف حكومي موحّد ينأى بلبنان عن هذا الصراع. وفي هذا المجال، أكدت المصادر عينها، أن التعاطي مع ملف وقف المساعدات السعودية للجيش اللبناني، يتخطّى قدرة الساحة الداخلية، وربما التضامن الحكومي على الإحتمال، ووجدت أن حكومة المصلحة الوطنية قد باتت، وهي مرغمة طبعاً، على رسم إطار سياسي محدّد لنهجها تجاه العواصم الإقليمية، وبشكل خاص الرياض، بعدما اقتربت القوى السياسية من الإجماع على وجوب تحييد لبنان، وبشكل فعلي وليس فقط إنشائي أو إنتقائي، عن مجمل الصراعات الدائرة في جواره.

وأضافت المصادر النيابية عينها، أن التأكيد السعودي على قرار وقف دعم الجيش اللبناني، ربما يشكّل مقدّمة لمجموعة من الإجراءات التي باتت تحتّم على كل الأطراف المحلية التعاطي بجدّية، وتخطّي الإنقسامات السياسية المتعدّدة لإطلاق دينامية سياسية تعتمد خارطة طريق خارجية بهدف السعي إلى إعادة الثقة مع المملكة العربية السعودية ودول الخليج، من دون التخلّي عن الثوابت التي التقى عليها غالبية المسؤولين في تعاطيهم مع التصعيد السعودي، وأبرزها تحصين البلد وصيانة علاقاته مع الدول العربية، والحفاظ على استقراره الداخلي.