Site icon IMLebanon

أيها الجنرال العزيز…!

لماذا استثني لبنان من لعبة الامم، وما دون الامم، بل ومن لعبة قطاع الطرق (قطاع الطرق حتى الى العالم الآخر)؟ احد السوريين قال «حتى انهم انتزعوا منا بطاقة الدخول الى… جهنم». هذا لانه حيثما يوجد ذلك الطراز من الحروب توجد جهنم…

اذا استبقيت الخريطة الملتبسة، الصيغة الملتبسة، اللوياجيرغا الملتبسة، لا تصدقوا ان هذا حصل من اجل السنة والشيعة الذين يعيشون كل مصائب الماضي دون ان يتبينوا اي مصائب تنتظرهم في المستقبل. حتى الزمن يفترض ان يحمل الراية السوداء ويمشي… الى الوراء.

هذا حصل من اجل المسيحيين، وقد وصفهم هنري لافس بـ«زينة الشرق» وان مارسوا السياسة، مع استثناءات محدودة جداً، كما كل القبائل الاخرى المنتشرة (مضاربها) على امتداد القارة اللبنانية.

كان السفير الفرنسي السابق رينيه آلا يقول «ان لبنان ينتج اللبنانيين». غريب انه لم يقل ان لبنان ينتج اللبنانيات. كان هذا قبل ان تنتج العبقرية اللبنانية نساء مثل هيفاء وهبي ومايا دياب وميريام كلينك، وغيرهن الكثيرات اللواتي يملأن الشاشات، واحياناً يملأن الخيال…

ذات يوم قلّد شارل ديغول (وما ادراك ما شارل ديغول) بريجيت باردو اعلى وسام في الجمهورية الخامسة لانها اعطت الخزينة الفرنسية اكثر مما اعطته مصانع مارسيل داسو حىن كانت طائرات الميراج في عزها، وما فعلته بنا وحدنا، في حزيران 1967.

جمهورية ملتبسة، هل هو الالتباس الخلاق حقاً؟

سياسي لبناني نقل عن وزير الخارجية الفرنسي قوله «هذه آخر فرصة اعطيت للبنان ان فشل ماتت الجمهورية، ومات جمهورها». جان – مارك ايرولت الذي هاله كل ذلك العبث اللبناني، استغرب كيف ان دولة ينخر كل مفاصلها الفساد (وفي وضح النار) وتمكنت من البقاء…

اي بقاء اذا كان الدين العام (الحقيقي) يلامس المائة مليار دولار، واذا كانت الدولة البائسة تقف على قدمين خشبيتين سفير دولة اوروبية ضليع في احوال الامم قال لمرجعية روحية «بينكم وبين الهاوية خطوة واحدة، فهل حزمت حقائبك للانتقال الى الفاتيكان؟».

كل هذا الكلام في رأس العماد ميشال عون الذي يعرف ان من يحارب الفساد في هذا البلد اما انه يحارب طواحين الهواء، او انه يحارب التنين. نتصور ان صاحب الفخامة سيتوجه متنكراً الى كاتدرائية القديس جرجس في الداون تاون ليسأله عن الطريقة (الالهية) لقتل التنين او ليصلي طلباً للمساعدة…

الفساد يضرب الجمهورية واهل الجمهورية، وإلا هل يمكن لدولة لا يبلغ طولها طول مدينة مثل سان فرنسيسكو ان تبقى من دون كهرباء، او من دون طرقات (واين الماء؟) على امتداد ربع قرن، دون ان تنظم تظاهرة اعتراضية، تظاهرة تقوم به قبائل معلبة او مشتراة بابخس الاسعار او مغلوب على امرها وتساق بالعصا…

استبشرنا خيراً، خيراً كثيراً، ببيان الرئيس نبيه بري رفض التوريث في حركة «امل». الرجل من الحصافة والنباهة بحيث يعرف ما ينتظر تلك التوتاليتاريات الرثة

والكاريكارتورية في آن…

زعيم يورث لابنه القبيلة، والحزب، والمقعد النيابي، بل والكتلة النيابية، ثم يتحدث في العدالة، وفي الديموقراطية، وفي الحداثة. هذه حالة لبنان عامة. من لا يستطيع توريث ابنه يورث ارملته، او شقيقته، او صهره دون ان يرف له جفن ودون ان يرف جفن لافراد القبيلة الذين اوحي لهم انه لولا الزعيم، وهالته الاقليمية والدولية لما كان لهم من وجود على سطح الارض…

في اي مكان آخر، ثمة ملك او رئيس ويتعامل مع شعبه كحالة عقارية تنتقل ملكيتها في الاب الى الابناء، هنا مشكلتنا في كثرة الاباء وكثرة الابناء. لن نسمع ابداً من يقول ما قاله الرئيس بري. ايها الجنرال العزيز لا تدعهم يضيعون الفرصة، يضيعون الجمهورية…